ما أنزل الله كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة. وقال: وهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم الكتاب والسنة من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتحثهم عليه - فأي كفر فوق هذا الكفر وأي مناقضة للشهادة بأن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة. نسأل الله العصمة من جميع المعاصي وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخر ا. هـ.
وقد وقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلامذته من بعده في صدق إيمان ونور بصيرة وثبات على الحق، وموقف إمامهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلماء المسلمين أهل السنة والجماعة من النصارى واليهود والملحدين والمبتدعة والزنادقة والجهمية والمعطلة والمقلدين المتعصبين وعباد الموتى وقفة المجاهدين الناصحين لله ولرسوله ولدينه، وأتاهم الله من قوة اليقين وشجاعة الجنان ووضوح الحجة ما أخرس خصومهم وقطع ألسنتهم، وفي ذلك الجو وما فسر من لهم مصالح في انحراف الناس عن حقيقة التوحيد كما هي العادة، مضوا في محاربة الشيخ وإيذائه، ولكنهم لم يصلوا إلى حجته ولا إلى قلبه ولسانه ولا إلى هديه وبيانه هدي القرآن، وبيان القرآن وسنة رسول الهدى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فدعى إلى الله وإلى متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فأشعل منار العرفان وأضاء مصابيح السنة، ففتح الله بدعوته قلوبا غلفا، وأعينا عميا، وآذانا صما، ونفع الله بكتبه ورسائله على بصيرة من نور الله وشرعه، شأنه في ذلك شأن المصلحين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كما حصل قبله للإمام ابن تيمية في سبيل تحقيق التوحيد وتصحيح العقيدة والذود عن حوزة الإسلام، حين نادى بها حربا شعواء، فقد جهر برأيه في صراحة تامة لا غموض فيها، سنده وحجته كتاب الله والسنة المطهرة.
ثم خلفه تلميذه ابن القيم، فحمل الراية وأعلنها حروبا على الفرق الضالة من المعتزلة والجهمية والمعطلة، داعيا إلى عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيلهم من فقهاء الأمة ومحدثيها..
ولقد كان مسلك ابن القيم ـ رحمه الله ـ في التصوف مسلك المصلح العارف بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن قرأ كتابه القيم "مدارج السالكين" شرح كتاب "منازل السائرين" للإمام الهروي، وعرف التصوت البريء من كل دجل