لقد ظلت دعوة الشيخ المجدد ـ رحمه الله ـ صورة حية في حياة سكان الجزيرة العربية وغيرهم من كثير من سكان آسيا وأفريقيا، كما كان كفاحه ونضاله في سبيل تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والعمل على توحيد الجزيرة العربية في كيان واحد يلم شعثها.
فقد كانت الجزيرة العربية قبل دعوة هذا الإمام المصلح مجزأة في إمارات صغيرة مختلفة متناحرة، يأكل قويهم ضعيفهم، ويستبيح ماله وعرضه، مجتمعا تسوده الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء، فعبدت الأشجار والأحجار والغيران، والأموات من دون الله.
كانت المرأة في ذلك الزمن تأتي إلى فحل النخل وتحتضنه قائلة:"يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحلول".
وقد ذكرت كتب التاريخ أشجارا وأحجارا وغيرانا يرتادها الجهلة من الناس من غير نكير. فبلغت درجة من التخلف عظيمة.
كانت تلك الإمارات وكانت القبائل فئات متناحرة تتصرف بعقلية متعفنة وبعادات جاهلية، فجاهد الشيخ والإمام محمد بن سعود ومن بعده من أمراء الدولة السعودية الأولى في سبيل تصحيح العقيدة ومحاربة ما ورثه الأبناء عن الآباء من مخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى عاد للجزيرة العربية وجهها المشرق، وكان لها وضع مذهل، وذلك بفضل قوة الإسلام وحمايته من قبل الحكم العادل:
هما السيف والقرآن قد حكما معا ... فلم يتركا زيفا ولم يتركا خرفا
كان الشيخ بجانبه الإمام المسلم الذي أشرب قلبه بلبان التوحيد رائدي منهج وخطة عمل، فهما أخذا على عاتقهما إصلاح المجتمع الجاهلي عقيدة وسلوكا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، والله المسئول أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن يهدينا سواء السبيل.
وأن يغرس لهذا الدين من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتهاك المبطلين -وآخر دعوانا أن- الحمد لله رب العالمين.