والعاقل لا يقصد القاء الجمرة في قلبه فهو ناشئ فيه بغير اختياره وإذا كان هو السبب الحامل على المتكلم بالطلاق وغيره لم يكن ذلك أيضا مضافا إلى اختياره وإرادته وهذا كما ان إرادة السبب إرادة للمسبب فكراهة السبب وبغضه كراهة للمسبب يوضحه
"الوجه الخامس" وهو: انك تقول للغضبان إذا اشتد غضبه ففعل ما لم يكن يفعله أو تكلم بما لم يكن يتكلم به قبل الغضب: هل اردت ذلك أو قصدته ? فيحلف انه ما اراده ولا قصده ولا كان له باختيار ويحلف انه وقع بغير اختيار ولا تنكر هذا فانك تجده من نفسك وتحقيق الأمر ان له فيه إرادة هو: محمول عليها حملة عليها الغضب فهي: كإرادة المكره بل المكره ادخل في الإرادة كما تقدم وهذا يدل على ان الغضبان أولى بعدم الوقوع من المكره. يوضحه
"الوجه السادس" وهو: ان الخوف في قلب المكره كالغضب في قلب الغضبان لكن المكره مقهور بغيره من خارج والغضبان مقهور بغضبه الداخل فيه وقهر الاكراه يبطل حكم الأقوال التي اكره عليها ويجعلها بمنزلة كلام النائم والمجنون دون حكم الأفعال فانه يقتل إذا قتل ويضمن إذا تلف فكذلك قهر الغضب يبطل حكم أقوال الغضبان دون أفعاله حتى لو قتل في هذه الحالة قتل أو أتنلف شيئا ضمنه هذا كله في الغضبان الذي يكره ما قاله حقيقة فما من هو مريد له على تقدير عدم غضبه لاقتضاء السبب ذلك فليس من هذا الباب كمن زنت امراته فغضب فطلقها لانه لا يرى المقام مع زانية فلم يقصد بالطلاق إطفاء نار الغضب بل التخلص من المقام مع زانية فهذا يقع