أولاً: وحدانية الله (١) من خلال القرآن وكتب العهدين:
أنزل الله - سبحانه وتعالى - التوراة على رسوله موسى عليه السلام وأنزل الإنجيل على رسوله عيسى - عليه السلام - ثم دخلهما التحريف بعد ذلك. وعلى الرغم من هذا إلا أن الموجود منها اليوم فيه ما يدل دلالة واضحة على وحدانية الله - سبحانه وتعالى - وأنه لا يشاركه في ألوهيته أحدٌ لا نبي مرسل ولا ملك مقرب فهما في هذه الجزئية - المصطلح عليها في هذا البحث - يوافقان القرآن الكريم.
وفيما يلي عرض لهذه الوحدانية في القرآن أولاً ثم في التوراة والإنجيل:
أ- وحدانية الله - سبحانه وتعالى - من خلال القرآن الكريم:
إن النصوص الدالة على وحدانية الله في القرآن الكريم كثيرة جداً بل إن القرآن كله ناطق بتوحيد الله - جل جلاله - حق التوحيد، ولكن لاكتمال الرد على المنصرين ولبيان أنهم ينتقون من القرآن ما يزعمون أنه يؤيدهم، وأنه يُمْكِنُ لهم صرفه إلى مرادهم الذي يوافق أهواءهم، ويتركون المحكم الواضح
(١) المقصود بالوحدانية - في هذا البحث - ما يقابل التثليث، أي أن الله سبحانه وتعالى - واحدٌ أحدٌ ليس معه إلهٌ غيره فضلاً عن آلهة أخرى، كما أنه ليس ثالث ثلاثة كما يزعم النصارى وليس المقصود بذلك وحدانية الله في أسمائه وصفاته وعبادته وربوبيته ذلك أن اليهود - كما هو معلوم - في باب الصفات مجسمة، والنصارى مجسدة، والمسلمون السائرون على منهج السلف الصالح - رضوان الله عليهم - من الصحابة ومن تبعهم بإحسانٍ يؤمنون بما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف. فالجزئية التي سوف يُستدل عليها من التوراة أو الأناجيل هي هذه الوحدانية المصطلح عليها آنفاً فقط.