للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول: إن الحب إذا خالط القلب في الصبا، لا يزال يزيد على مرور الأيام ويشتد. ومثله قول الآخر:

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبي فارغاً فتمكنا

سقى ابن عليٍّ كل مزنٍ سقتكم ... مكافأةً يغدو إليها كما تغدو

التأنيث لكل مزن؛ لأنه أراد جماعة المزن، ويغدو: فعل الممدوح.

يقول: دعاء للسحاب التي سقت ديار أحبائه، بأن يسقي الممدوح التي سقتكم أيها الأحباب؛ حتى يكون مجازاة السحاب على سقياها فيغدو هو إلى السحاب، كما يغدو السحاب إلى ديارهم.

لتروى كما تروى بلاداً سكنتها ... وينبت فيها فوقك الفخر والمجد

سكنتها، وفوقك: خطاب للمحبوبة.

المعنى: لتروي السحاب من صوب كرمه، كما أروت بلاداً سكنتها أيتها المحبوبة، وينبت السحاب فوقك الفخر والمجد، كما ينبت في ديار المحبوبة النور والعشب.

يعني أن سقياه للسحاب ليس مما ينبت العشب، وإنما سقيا كرم ينبت الفخر والمجد.

بمن تشخص الأبصار يوم ركوبه ... ويخرق من زحمٍ، على الرجل البرد

الباء: متعلقة بقوله: لتروى أي لتروى بمن تشخص الأبصار. وقيل: بالفخر. أي يثبت الفخر بمن تشخص الأبصار.

يقول: إذا ركب تتحير وتشخص إليه أبصار الناس، ويزدحم عليه الناس ينظرون إليه لحسنه، حتى يخرق بعضهم ثياب بعض من كثرة الازدحام!

وتلقى، وما تدري البنان سلاحها ... لكثرة إيماءٍ إليه إذا يبدو

البنان: فاعل تلقى وتدرى، والمفعول السلاح.

يقول: إذا بدا للناس بهرهم حسنه فيشير بعضهم إلى بعض بأصابعهم وقد سقط سلاحه من يده، وهو لا يعلم لحيرته. ومثله للمعري في النعاس:

حيث اليسار عن العنان ضعيفةٌ ... فالسوط تسقط من يمين الفارس

ضروبٌ لهام الضاربي الهام في الوغى ... خفيفٌ إذا ما أثقل الفرس اللبد

يقول: إنه يضرب في الحرب الشجعان الذين يضربون الرءوس، وإنه فارس خفيف على ظهر فرسه، إذا أثقله لبده. الذي تحت السرج.

بصيرٌ بأخذ الحمد من كل موضعٍ ... ولو خبأته بين أنيابها الأسد

يقول: إنه عالم بطريق المجد، وكيفية أخذه، فهو يتحمل فيه الموت حتى لو كان في أفواه الأسد لاستخرجه!

بتأميله يغنى الفتى قبل نيله ... وبالذعر من قبل المهند ينقد

التأميل: الأمل، وينقد: ينقطع.

يقول: كل من أمله حصل له الغنى بمجرد أمله، قبل أن يصل إليه نائله! ومن قصده محارباً مات من خوفه قبل أن يقتله بسيفه!

وسيفي لأنت السيف لا ما تسله ... لضربٍ ومما السيف منه لك الغمد

وسيفي: قسم. ولأنت السيف: جوابه.

يقول: وحق سيفي، إنك السيف على الحقيقة. لا ما تسله: أي الذي تسله للضرب؛ لأنك أمضى منه، ولأنه لا يعمل إلا إذا ضربت به؛ فالقطع في الحقيقة لك لا له! وقوله: ومما السيف أي أن غمدك من الحديد الذي يطبع منه السيف. وهو الدروع والجواشن. وإذا لبستها كانت كالغمد لك. أي أت أفضل من السيف جوهراً، وغمدك أفضل من غمده؛ لأن غمدك من الحديد الذي يعمل منه السيف.

وقيل معناه: إن من جنس الحديد غمدك؛ لأنك تدفع ضرباً بالسيف عن نفسك؛ فقد صار الحديد غمداً يقيك كما يقي السيف غمده.

ورمحي، لأنت الرمح لا ما تبله ... نجيعاً، ولولا القدح لم يثقب الزند

يقول: وحق رمحي إنك أنت الرمح على الحقيقة، لا رمحك الذي تبله بالدم؛ لأن الرمح إنما يعمل إذا طعنت به، كما أن الزند لو لم يقدح لم تخرج منه النار.

من القاسمين الشكر بيني وبينهم ... لأنهم يسدى إليهم بأن يسدوا

يقول: هو من قوم قسموا الشكر بيني وبينهم، فأنا أشكرهم على إنعامهم، وهم يشكرونني على قبولي منهم برهم. وهذا معنى قوله: لأنهم يسدى إليهم بأن يسدوا أي أنهم يعدون نعمهم على غيرهم نعمة على أنفسهم، فيشكرون من قبل نعمهم ويثنون عليهم وهذا من قول التهامي:

ودعا لسائله وأعلن شكره ... حتى حسبنا السائل المسئولا

فشكري لهم شكران: شكرٌ على الندى ... وشكرٌ على الشكر الذي وهبوا بعد

يقول: إني أشكرهم من وجهين. أحدهما على نعمهم علي، والثاني على شكرهم لي في قبول نعمهم، وهذه نعمة مجددة.

وهذا البيت من بدائعه التي لم يسبق إليه.

صيامٌ بأبواب القباب جيادهم ... وأشخاصها في قلب خائفهم تعدوا

وروى: قيام.

<<  <   >  >>