للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سقاني الخمر قولك لي بحقي ... وودٌّ لم تشبه لي بمذق

يقول: حملني على شرب الخمر قولك لي: بحقي. فيلزمني رعايته. والثاني مودتك الخالصة لي التي لا يشوبها خلاف ولا مذق. والمذق: ضد الخالص.

يميناً لو حلفت وأنت ناءٍ ... على قتلي بها لضربت عنقي

يميناً: نصب على المصدر.

يقول: لو حلفت بمثل هذه اليمين، وألزمتني بقتل نفسي وأنت بعيد عني لفعلت! فكيف لا أشرب؟ وهو دون ذلك، وأنت قريب مني! ثم أخذ الكأس وقال:

حييت من قسمٍ وأفدي المقسما ... أمسى الأنام له مجلاً معظما

الأنام: اسم الجمع للناس، وليس بجمع؛ ولهذا وحد فقال: مجلاً معظما، ولو جمعه رداً على المعنى لكان جيداً.

يخاطب القسم ويقول: حياك الله من قسمٍ وأنا أفدي المقسم! وهو الممدوح؛ لأن الخلق أصبحوا كلهم مجلين له، ومعظمين قدره كما أعظمه وأجله أنا!

وإذا طلبت رضى الأمير بشربها ... وأخذتها فلقد تركت الأحرما

يقول: إن شرب الخمر، وإن كان حراماً، فعصيانه أحرم، فإذا شربتها لرضاه، فقد تركت ما هو أشد حرمة! والهاء في شربها ووأخذتها للخمرة.

وغنى المغني فقال له:

ماذا يقول الذي يغني؟ ... يا خير من تحت ذي السماء

شغلت قلبي بلحظ عيني ... إليك عن حسن ذا الغناء

يقول: يا خير من تحت ذي السماء، إني شغلت بالنظر إلى حسن وجهك، وتأمل شمائلك من استماع الغناء، فأخبرني: ماذا يقول هذا المغنى؟ وعرض عليه سيفاً فأشار به إلى بعض من حضر، وقال:

أرى مرهفاً مدهش الصيقلين ... وبابة كل غلامٍ عتا

أتأذن لي ولك السابقات ... أجربه لك في ذا الفتى؟

المرهف الذي رققت شفرتاه والبابة: الغاية.

يقول: أرى سيفاً محدوداً يدهش الصيقلين بحسن جوهره ورونقه، وقوله: عتا أي عدا عن الحق. فهل تأذن لي أن أجربه في هذا الفتى؟ قوله: ولك السابقات حشو مليح أي لك النعم السابقة علي.

وهذان البيتان يجوز أن يكون رويهما التاء فتكون الألف وصلاً، وأن يكون رويهما الألف. لأن الألف فيهما من نفس الكلمة.

وأراد الانصراف فقال يذكر تعلقه بالأمير.

يقاتلني عليك الليل جداً ... ومنصرفي له أمضى السلاح

يقول: إن الليل يغار من نظري إليك، فهو يدافعني ويقاتلني عليك غيرةً، فإذا انصرفت عنك يقوم مقام السلاح ويقتلني.

لأني كلما فارقت طرفي ... بعيدٌ بين جفني والصباح

بين: فاعل بعيد، وهو اسم غير ظرف، ومفعول فارقت: مضمر. أي كلما فارقت الممدوح. وطرفي مبتدأ، والجملة خبره.

وقيل: إنه أقام الممدوح مقام طرفه، على هذا مفعول فارقت. أي فارقت طرفي. بفراقي إياه، ويكون بعيد مبتدأ وبين جفني خبره، والجملة خبر أن.

يقول: إني إذا لم أرك، طال علي الليل شوقاً إلى لقائك، وبعد عني الصباح، وأسقم جسمي السهر، فكأن فراقك سيف لليل يقتلني.

وسايره وهو لا يدري أين يريد به؟ فلما دخلا كفر زنس قال يصفها:

وزيارةٍ عن غير موعد ... كالغمض في الجفن المسهد

يقول: رب زيارة من غير تقدم وعد بها، وهي في قلبي أحلى وألذ من النوم في الجفن الذي طال سهاده، وبعد عنه رقاده.

معجت بنا فيا الجيا ... د مع الأمير أبي محمد

المعج: ضرب من السير سهل لين من سير الإبل، واستعمله في الخيل ها هنا للزيارة.

يقول: سارت بنا الخيل في هذه الزيارة مع الأمير أبي محمد. وهو الممدوح.

حتى دخلنا جنةً ... لو أن ساكنها مخلد!

أي لو كان ساكنها مخلداً كانت الجنة بعينها!

خضراء حمراء الترا ... ب كأنها في خد أغيد

الأغيد: الطويل العنق. وقيل الناعم البدن، شبه خضرتها بخضرة الشعر، وهو العذار على الخد الأحمر.

وإنما وصف تربتها بالحمرة، لأن الطين الذي فيها يضرب لونه إلى الحمرة.

أحببت تشبيهاً لها ... فوجدتها ما ليس يوجد

الهاء في وجدتها مفعوله الأول وما المفعول الثاني لأنه بمعنى علمت.

يقول: طلبت لها نظيراً أشبهها به فلم أجد؛ لأنه لا نظير لها في الحسن.

وإذا رجعت إلى الحقا ... ئق فهي واحدةٌ لأوحد

أي إذا حققت وصفها فهي واحدة لا نظير لها في الحسن، لأوحدٍ: لا نظير له في المجد.

وقال أيضاً يمدحه وقد شرب معه:

<<  <   >  >>