الصرم: جماعة من البيوت بمن فيها أهله والمروح: الذي يرد إبله عن المرعى في الرواح، والهاء في فيه في الموضعين للربع وفي إبله للصرم.
يقول: لما ارتحل عنه من كنت أحبه، رأيته وإن كان عامراً بأهله موحشاً، وإن كان فيه بيوت وجماعة من الناس، ويروحون إبلهم إليه.
لو سار ذاك الحبيب عن فلكٍ ... ما رضي الشمس برجه بدله
برجه: فاعل رضي. ومفعوله: الشمس وهو أولى.
يقول: لو كان هذا الحبيب في فلك فسار عنه وحلت الشمس موضعه، لما رضي بها برجه الذي كان يحله، بدلاً منه.
أحبه والهوى وأدوره ... وكل حبٍ صبابةٌ ووله
الصبابة: شدة الشوق. والوله: ذهاب العقل.
يقول: أحب هذا الحبيب، وأحب أن أحبه! وأحب منازله لأجله، وكل حب فيه صبابة وشدة شوق وجنون وتحير.
وقيل: الواو في قوله: والهوى واو القسم. أي وحق الهوى، فيكون مجروراً.
ينصرها الغيث وهي ظامئةٌ ... إلى سواه وسحبها هطله
الهاء في ينصرها للأدؤر. أي: يكسوها العشب. يقال: أرض منصورة. إذا سقيت.
يقول: الغيث يسقيها وهي عطشى. إلى سوى الغيث، وهو الحبيب الذي ارتحل عنها، وسحب هذه الديار هاطلة بالمطر ولا تحتاج إليه.
وقيل معناه: إن هذه الأدؤر يصيبها المطر فيكسوها العشب فتستدعي معاودة من رحل عنها، وهو الحبيب. يقال: دار بني فلان منصورة. أي عادها من كان رحل عنها، ولهذا دعت العرب لديار أحبابها بالسقيا، ليعودوا إليها.
واحرباً منك يا جدايتها ... مقيمةً فاعلمي ومرتحله!
روى واحرباً، واحزناً لجداية أي وا أسفاً، واهلاكاً.
كأنه يقول: يا ظبية هذه الدار، ويلي منك! سواء كنت مقيمة أو مرتحلة؛ لأنك إن اقمت فممنوعة، وإن ارتحلت، حال البعد بيننا.
لو خلط المسك والعبير بها ... ولست فيها لخلتها تفله
العبير: الزعفران، عن أبي عبيدة. وقيل: أخلاط من الطيب فيه الزعفران، عن الأصمعي. والتفلة: المتغيرة الريح.
يقول: لو خلط المسلك والزعفران بتراب هذه الأدؤر، ولم تكوني فيها لظننت أنها متغيرة الريح لأن طيبها بك أنت!
أنا ابن من بعضه يفوق أبا ال ... باحث والنجل بعض من نجله
النجل: الولد والهاء في بعضه لمن الأولى وفي نجله لمن الثانية. ويريد بالباحث: إنساناً كان يبحث عن أصله، ويطعن في نسبه.
يقول: أنا ابن الرجل: الذي بعض ذلك الرجل: أي نفسه. يفوق والد الباحث، الذي يبحث عن فضل أبي، فإذا كنت أفضل من أبيه فالرجل الذي أنا بعضه لاشك في انه أفضل منه بكثير؛ لأن الولد بعض من ولده.
وإنما يذكر الجدود لهم ... من نفروه وأنفدوا حيله
نفروه: أي غلبوه بالنفر. يقال: نافرته. أي فاخرته بكثرة النفر فغلبته. يقول: أنا غني بفضلي عن الافتخار بجدودي، وإنما يفخر بالجدود من ليس يفضل في نفسه. فغلبه المفاخرون وأنفدوا حيله، فحينئذ يفتخر بآبائه وفضلهم.
فخراً لعضبٍ أروح مشتمله ... وسمهريٍّ أروح معتقله
مشتملة: أي مقلدة. يقول: لأفخر بالسيف فخر، حيث أتقلد به. والرمح حيث أمسكه بيدي؛ لأني إذا استعملتها كفاني فخراً وشرفاً.
وليفخر الفخر إذا غدوت به ... مرتدياً خيره ومنتعله
الهاء في خيره وفي به للفخر وفي منتعله لخير.
يقول: كل شيء يفتخر بي، حتى الفخر يفتخر بأن ألبسه، فأرتدي به وأنتعله؛ لأني أعلى من الفخر.
أنا الذي بين الإله به الأق ... دار والمرء حيثما جعله
يقول: أنا الذي جعلني الله تعالى من الفضل والكمال، فقدر كل إنسان يتبين إذا قدر بفضلي، وفيس محله إلى محلي.
وقيل معناه: إن أقدار الناس تتبين بمدحي أو بهجوي، فمن مدحته رفعت قدره، ومن هجوته وضعت قدره وأخملت ذكره، والهاء في جعله قيل: ترجع إلى اسم الله تعالى، وقيل: إلى المرء. أي حيثما جعل نفسه. قلت: ويجوز أن يكون راجعاً إلى الضمير الذي في أنا الذي بين الإله به أي المرء حيثما جعله هذا الرجل الذي بين الله به الأقدار.
جوهرةٌ تفرح الشراف بها ... وغصةٌ لا تسيغها السفله
يقول: أنا جوهرة تفرح الكرام بها. يعني: إذا مدحت شريفاً يفرح بي؛ لأني أناسبه، وكل لئيم يحسدني ويراني غصة له في صدره، لقصوره عني ولازدرائي به، فنظير الأول قول الشاعر:
وكل امرىءٍ يصبوا إلى من يجانس
ونظير المصراع الثاني قول الشاعر: