للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العمق: الفج، وهو الطريق الواسع في الجبل. وقيل: موضع بالشام أوقع سيف الدولة فيها بالأعداء وقعة عظيمة. ويقال: هو موضع كثير الوحل. مملوءاً: قيل نصب على التمييز، وقيل: على الحال. وروى بالرفع فيكون خبراً عن مثل وروى بالجر فيكون بدلا من العمق.

يقول: كم من مواضع في الحرب قد امتلأت بالدم فخاضت بك خيلك، ومشت بك في مجاريه، فكيف بالوحل والمطر؟! والهاء في مجاريه للعمق.

إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما يمرّ به الوحول

فأهون: مبتدأ. وما يمر به: صلة وما بمعنى الذي. ويجوز أن تكون نكرة موصوفة. يعني: فأهون شيء يمر به، وفاعل يمر ضميره. والوحول خبر أهون.

يقول: من تعود خوض المنايا والحروب، فخوض الوحل أهون شيء عليه.

ومن أمر الحصون فما عصته ... أطاعته الحزونة والسّهول

الحزون، والحزونة: جمع حزن، وهو ما غلظ من الأرض وارتفع. وقيل: إن الحزونة مصدر مثل السهولة.

يقول: من رام القلاع الحصينة والحصون المنيعة فلم يصعب عليه فتحها وأخذها حتى كأنها مأمورة له، فكيف يصعب عليه السير في حزن الأرض وسهلها؟!

أتحفر كلّ من رمت اللّيالي ... وتنشر كلّ من دفن الخمول؟!

خفرت الرجل خفارة: إذا أجرته وحفظته، وأراد من رمته الليالي ومن دفنته الخمول فحذف الضمير. وتنشر: أي تحيي، والخمول: خفاء الذكر والألف في أتخفر للاستفهام، والمراد به التقدير.

يقول: كل من رمته الليالي بشدائدها فإنك تحفظه، وكل من كان خامل الذكر فإنك ترفعه.

وندعوك الحسام وهل حسامٌ ... يعيش به من الموت القتيل؟!

يقول: كيف يجوز أن ندعوك الحسام وأنت أعظم منه فعلا؟! وليس حسام يعيش به القتيل بعد الموت! وأنت تحي من قتله الفقر، وترفع من خفضه الخمول.

وما للسّيف إلاّ القطع فعلٌ ... وأنت القاطع البرّ الوصول

إلا القطع: نصب لأنه استثناء مقدم. أي ليس للسيف فعل، وأنت تقطع رقاب الأعداء، وتبر قصادك وتصل أولياءك وعشيرتك.

وأنت الفارس القوّال: صبراً ... وقد فني التّكلّم والصّهيل

أي أنك تقول: صبراً صبراً ونصب صبرا على الحكاية، فحكى ذلك اللفظ على إعرابه. وقيل: نصب بقوال.

يقول: أنت الفارس الذي يصبر أصحابه إذا اشتدت الحرب، ولم يقدر الشجاع على الكلام، ولا الفرس على الصهيل، من التعب والخوف.

يحيد الرّمح عنك وفيه قصدٌ ... ويقصر أن ينال وفيه طول

يقول: هيبتك ملأت قلوب الناس، فمن بارزك تخذله يده وأقدامه، فيحيد الرمح عنك ويقصر، فلا يصل إليك، وإن كان طويلا. وقوله: وفيه قصد وفيه طول في موضع نصب على الحال.

فلو قدر السّنان على لسانٍ ... لقال لك السّنان كما أقول

يقول: إن ما أقوله لو علمه من لا ينطق لقال لك مثل ما أقول، وأثنى عليك مثل ثنائي.

ولو جاز الخلود خلدت فرداً ... ولكن ليس للدّنيا خليل

يقول: لو جاز أن يخلد أحد دائماً في هذه الدنيا، لخلدت أنت وحدك؛ إذ لا نظير لك، ولكن الدنيا ليست بخليل تدوم.

وقال يرثى والدة سيف الدولة، وقد ورد خبرها إلى أنطاكية في جمادي الآخرة سنة ٣٣٧:

تعدّ المشرفيّة والعوالي ... وتقتلنا المنون بلا قتال

نعد: أي نجعل عدة. والمنون: الموت، وأنثه ذهاباً به إلى المنية.

يقول: نحن نعد للمنون السيوف والرماح للقتال، والموت يقتلنا قبل القتال، فليس فيما نعده فائدة عند دنو الآجال كأنه من قوله تعالى: " أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْمُ الْمَوْتُ ".

ونرتبط السّوابق مقرباتٍ ... وما ينجين من خبب اللّيالي

نرتبط: أي نشد. والسوابق: الخيل. ومقربات: أي مدنيات من البيوت والخبب: السير السريع.

يقول: نحن نرتبط السوابق لنهرب عليها، إن جاءنا حادث، ولكن لا تنجينا من سير الليالي، فإنها تدركنا لا محالة.

ومن لم يعشق الدّنيا قديماً ... ولكن لا سبيل إلى وصال

يقول: إن الإنسان يعشق الدنيا من قديم الدهر. يعني: أن كل أحد يعشق الدنيا ويحب البقاء فيها والخلوص من شوائبها، ولكن لا سبيل إلى ما يحب.

نصيبك في حياتك من حبيبٍ ... نصيبك في منامك من خيال

نصيبك: الأول مبتدأ، ونصيبك الثاني خبره.

<<  <   >  >>