للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يستغيث إلى ناصرٍ ... ولا يتضعضع من خاذل

تضعضع البناء: إذا انهدت أركانه أي لا يتذلل هذا الفتى، ولا يستعين بناصر ينصره، ولا يضعف إن خذله أصحابه، لأنه مستقل بنفسه لا يحتاج إلى أحد.

ولا يزع الطرف عن مقدمٍ ... ولا يرجع الطّرف عن هائل

يزع: أي يكف. ومقدم: أي الإقدام.

يعني: أنه لا يرد فرسه عن الإقدام، ولا يرد طرفه أي عينه عن أمر مخوف ومنظر هائل.

إذا طلب النّبل لم يشأه ... وإن كان ديناً على ماطل

النبل: الحقد. يقول: إذا طلب ثأراً أدركه، فلم يفته وإن كان ثأره عند من لا يدرك لديه ثأر. فشبه هذا الثأر بدين على ماطل.

خذوا ما أتاكم به واعذروا ... فإنّ الغنيمة في العاجل

يقول للخارجي وجماعته الذين كانوا ينتظرون الفداء هزءاً بهم: خذوا ما أتاكم به سيف الدولة من الفداء، واعذروه في هذه الغنيمة المعجلة، فاغتنموا ذلك فإن الغنيمة في العاجل.

وإن كان أعجبكم عامكم ... فعودوا إلى حمص في القابل

يقول: لئن كان أعجبكم ما ملكتم في هذا العام من الخير، فعودوا في العام القابل إلى حمص، حتى تروا ما يزيد على ذلك فترضوا به.

فإنّ الحسام الخضيب الّذي ... قتلتم به في يد القاتل

يقول: السيف المخضب بدمائكم في يد القاتل، وهو سيف الدولة، فمتى شئتم فتعالوا إليه.

وقال ابن جني: أراد بالسيف. سيف الدولة. والخضيب: هو الخاضب اللحي بالدماء. والقاتل: هو الخليفة الذي ينصر سيف الدولة ويقاتل عنه.

يجود بمثل الّذي رمتم ... فلم تدركوه على السّائل

أي يجود على السائل بمثل المال الذي رمتم، فلم تدركوه على السائل: يعني أنه يعطي سائله مثل ما طلبتموه، وإنما لم يعطكم أنفة، من أن تأخذوه قهراً.

أمام الكتيبة تزهى به ... مكان السّنان من العامل

أمام: نصب على الظرف. وتزهى به: أي تفتخر به. والتاء: ضمير الكتيبة والهاء: ضمير سيف الدولة. وعامل الرمح: قدر ذراعين من أعلى الرمح.

أي أن سيف الدولة يكون أبداً أمام الكتيبة، كما يتقدم السنان على الرمح وأن الكتيبة تفتخر به، إذ لا غناء لهم عنه كما لا غناء للرمح عن السنان.

وإنّي لأعجب من آملٍ ... قتالاً بكمّ على بازل

البازل: البعير الذي دخل في السنة التاسعة. وكان الخارجي حينئذ على ناقة يومئ بكمه على أصحابه؛ يحرضهم على قتال سيف الدولة.

يقول: إني أعجب من ضعف رأي من يقاتل بكم على ناقة بازل.

أقال له الله: لا تلقهم ... بماضٍ على فرسٍ حائل؟

الهاء في له للخارجي وفي لا تلقهم لأصحاب سيف الدولة. بماض: أي بسيف ماض. والحائل: خلاف الحامل، وخض الحائل لأنها تكون أشد على العمل، وأصبر على الشدة، وهم لا يركبون يوم القتال إلا الفرس الأنثى الحائل.

يقول: كأن الله تعالى قال له. لا تلق جيش سيف الدولة بسيف ماض على فرس حائل! فلهذا ركب الناقة وأشار بكمه بدل السيف!

إذا ما ضربت به هامةً ... براها وغنّاك في الكاهل

الكاهل: أعلى الكتف بين المنكب والعنق. والهاء في به للسيف الماضي. أي كأن الله تعالى قال: لا تلقهم بسيف ماض، إذا ضربت به رأساً قطعه ووصل إلى العنق، وهامة قطعها، وسمعت له صليلا كالغناء.

وقيل: معناه: قال الله لهذا الخارجي. لا تحارب بسيف ماض مثل سيفك الماضي يا سيف الدولة، الذي إذا ضربت به رأساً تجاوزها وغنى لك في الكاهل.

وليس بأوّل ذي همّةٍ ... دعته لما ليس بالنّائل

يقول: إن الخارجي ليس بأول من لم يدرك مراده، وما دعته إليه همته، وقد خرج قبله كثير من الخوراج وطلبوا مثل ما طلب فقتلوا كما قتل.

يشمّر للّجّ عن ساقه ... ويغمره الموج في السّاحل

يقول: إن الخارجي كان يشمرّ عن ساقه؛ ليخوض لجة البحر، وقد علاه الموج في ساحل هذه اللجة.

أي قد تأهب لجيش سيف الدولة الذي هو كالبحر العظيم، والموج يغرقه في الساحل! أي أنه لقي مقدم عسكر سيف الدولة فهزموه، فكيف إذا لقي معظم عسكره؟! وقال ابن جني: إنه يصف تمويه الخارجي على الأعراب وادعاءه النبوة فيهم فكان يحسر عن ساقه عند الماء ليرى الناس أنه يخوضه تمويها ومخرقة، ومع ذلك قد غمره الموج وهو على الساحل.

أما للخلافة من مشفقٍ ... على سيف دولتها الفاصل؟!

<<  <   >  >>