للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أراد بذلك بعد التناول، فكنت إذا أجلت يدي بين قلائده فكأني نلت الكواكب! وإذا لمست موضع خلخاله فكأني لمست عين الشمس؛ لتعذر الوصول.

بنتم عن العين القريحة فيكم ... وسكنتم طيّ الفؤاد الواله

الهاء في الواله أصلية، وقد استعملها وصلا، وهو جائز. وقد جاء مثله في الشعر. الواله: المتحير الذاهب العقل.

يقول: بعدتم عن عيني القريحة بالبكاء عليكم، ونزلتم وسط القلب المتحير لفراقكم، فإن لم أركم بعيني رأيتكم بقلبي وخاطري.

فدنوتم ودنوّكم من عنده ... وسمحتم وسماحكم من ماله

الها في عنده وماله للفؤاد، كأن الدنو من قلبي؛ لأنه هو الذي أدناكم مني، وسمحتم علي بالوصال والزيارة، وكأن هذا السماح من مال قلبي؛ إذ لولا تفكره لما زرتموني، وذكر المال لما ذكر السماحة.

إنّي لأبغض طيف من أحببته ... إذ كان يهجرنا زمان وصاله

يهجرنا: فعل الطيف، والهاء في وصاله لمن وهو الحبيب.

يقول: إني أبغض خيال حبيبي في النوم؛ لأني إنما أرى خياله أيام هجر الحبيب، فوصال الخيال إنما يكون عند بعد الحبيب؛ لأن الإنسان إنما يرى خيال المحبوب عند فراقه واشتغال قلبه بذكره.

مثل الصّبابة والكآبة والأسى ... فارقته فحدثن من ترحاله

يقول: إني أبغض طيف الحبيب؛ لأن رؤيته تكون بعد الفراق، كما أبغض هذه الأشياء؛ لأنها حدثت بعد فراقه، فالطيف لما كانت رؤيته بعد فراق الحبيب كانت هذه الأمور. والصبابة: الشوق، والكآبة: الحزن والاستكانة والأسى: الحزن أيضاً.

وقد استقدت من الهوى وأذقته ... من عفّتي ما ذقت من بلباله

الهاء في بلباله للهوى.

يقول: لما حيرني وقتلني شوقه أخذت القود منه؛ من حيث أني لما ظفرت بمن أهواه، عففت عنه، فأذقت الهوى من مرارة الصبر عن الحبيب، مثل ما أذاقني من الشوق والحيرة.

ولقد ذخرت لكلّ أرضٍ ساعةً ... تستجفل الضّرغام عن أشباله

تستجفل الضرغام: تهربه وتستعجله في الهرب عن أشباله: أي أولاده.

يقول: خبأت لكل أرض ساعة صعبة من الحرب، بحيث تزعج الأسد وتستعجله عن أولاده، وتحوجه إلى الهرب خوفاً على نفسه، ولا يبالي بولده!.

تلقى الوجوه بها الوجوه وبينها ... ضربٌ يجول الموت في أجواله

الأجوال: جمع الجول، وهو مصدر جال يجول جولا وجولانا. وقيل: أجواله: نواحيه. والهاء في بها قيل: للساعة، وقيل للأرض. وفي بينها للوجوه وفي أجواله للضرب.

يقول: ذخرت لكل أرض ساعة تلتقي فيها الفرسان، ويضرب بعضهم وجوه بعض ضرباً، يدور الموت في نواحي هذا الضرب.

ولقد خبأت من الكلام سلافةً ... وسقيت من نادمت من جرياله

السلافة والسلاف: أرق الخمر وألطفها، وهو ما يجري من العصير قبل أن يعصر، وهو يضرب إلى الصفرة، والجريال: ما كان أحمر، وهو دون الأصفر. وقيل: الجريال: نفس الخمرة. وقيل: لونها.

يقول: خبأت لسيف الدولة أحسن الكلام وأبدعه، ومدحت غيره بما هو دونه، الذي لم أتعب فيه فكراً، ولم أبدع فيه معنى.

وإذا تعثّرت الجياد بسهله ... برّزت غير معثّرٍ بجباله

الهاء في قوله بجباله وسهله للكلام. وبرزت: أي سبقت.

يقول: إذا تعثر غيري من الخطباء في السهل من الكلام، برزت عليهم، ولم أتعثر في الصعب البعيد المرام. وجعل الكلام سهلا وجبلا مجازاً، وقيل: وصف في ذلك فروسيته. وشجاعته، وأن غيره لا يقاومه.

وحكمت في البلد العراء بناعجٍ ... معتاده مجتابه مغتاله

أي: تحكمت وصرت فيها كما اخترت والبلد العراء: الخالي الذي لا نبت فيه. والناعج: الخالص البياض من الإبل. وقيل: سريع السير، ومعتاده؛ أي قد تعود السير، والهاء: عائد إلى البلد، وكذلك فيما بعده، مجتابه: أي قاطعه بسيره، مغتاله: أي تغوله وتهلكه وتفنيه بسيره.

يمشي إذا عدت المطيّ وراءه ... ويزيد وقت جمامها وكلاله

يمشي: فعل الناعج والهاء في وراءه وكلاله: للناعج. وفي جمامها للمطي. والجمام: الراحة. والكلال: الإعياء.

يقول: إذا مشى هذا الناعج كان مشيه مثل عدو المطي خلفه، ويكون أزيد من ذلك أيضاً، وذلك في وقت راحة المطي وكلال هذا الناعج، فكيف يكون سيره وقت الجمام؟!!

وتراع غير معقّلاتٍ حوله ... فيفوتها متجفّلاً بعقاله

<<  <   >  >>