للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: لو اعتضت منه ملكاً غيره، كنت مثل: من ترك الفرس الجواد وركب الثور، ومثله قول خداش بن زهير:

ولا أكون كمن ألقى رحالته ... على الحمار وخلّى صهوة الفرس

وما قست كلّ ملوك البلاد ... فدع ذكر بعضٍ، بمن في حلب

التقدير: ما قست كل ملوك البلاد بمن في حلب.

المعنى: أنا لا أقيس به جميع الملوك، فكيف أقيس به بعضهم؟!

ولو كنت سمّيتهم باسمه ... لكان الحديد وكانوا الخشب

الخشب: جمع خشبة.

يقول: كيف أقيس به غيره من الملوك؛ وهم إلى جنبه كالخشب من الحديد؟! ولو سميتهم باسم سيف الدولة، لكان هو سيفاً حديداً، وكانوا هم سيوف خشب.

أفي الرّأي يشبه، أم في السّخا ... ء أم في الشّجاعة، أم في الأدب؟

يقول: في أي شيء من مناقبه يشبهونه في رأيه؟ أم في سخائه؟ أم في شجاعته؟ أم في أدبه! يعني: أنه أفضل منهم في هذه الأوصاف.

مبارك الاسم، أغرّ اللّقب ... كريم الجرشّي، شريف النّسب

الجرشي: النفس.

يقول: هو مبارك الاسم، لأن اسمه علي والعلو محبوب مبارك. وقوله: أغر اللقب: أي مشهور اللقب، لأنه إذا قيل سيف الدولة عرف في الآفاق، وهو كريم النفس، شريف النسب؛ لأنه من العرب وآباؤه الأمراء.

أخو الحرب، يخدم ممّا سبى ... قناه، ويخلع ممّا سلب

يخدم: من قولك أخدمت الرجل، إذا أعطيته خادماً يخدمه. وفاعل سبي: قناه، وأسند الفعل إليه، لأنه يستعان به على السبي.

يقول: هو أخو الحرب أي عارف بها، كما يعرف الأخ أخاه، أو يحبها كما يحب الأخ أخاه، أو ملازم لها ونشأ معها كما ينشأ الأخ مع أخيه، وهو يسبي الجواري والغلمان، ثم يهبها لأصحابه، ويخلع عليهم مما سلب من أعدائه.

إذا حاز مالاً فقد حازه ... فتىً لا يسرّ بما لا يهب

يقول: إذا حاز المال وجمعه واستفاده، فإنما يحوز للهبة، وهو الفتى الذي لا يسر بما لا يهب.

وإنّي لأتبع تذكاره ... صلاة الإله وسقي السّحب

يقول: إذا ذكره عقب ذكره بالصلاة والدعا بالسقيا، فيقول: صلى الله عليه وسقى دياره وربوعه.

وأثني عليه بآلائه ... وأقرب منه نأى أو قرب

يقول: إنما أشكر نعمه إذا ذكرته، وأمدحه بمآثره وأقرب منه بالمحبة والموالاة سواء كان قريبا مني أو بعيداً.

وإن فارقتني أمطاره ... فأكثر غدرانها ما نصب

الهاء في غدرانها للأمطار.

يقول: إن بره وإن كان قد انقطع فبقيتها عندي لم تنفذ.

أيا سيف ربّك لا خلقه ... ويا ذا المكارم لا ذا الشّطب

يجوز: يا سيف ربه باختلاس كسرة الهاء، ويا سيف ربك.

يقول: أنت سيف الله لا سيف الخلق، وأن تسمي: ذا المكارم أولى من أن تسمي: ذا الشطب. وهي الطرائق التي في السيف.

وأبعد ذي همّةٍ همّةً ... وأعرف ذي رتبةٍ بالرّتب

أراد: يا أبعد ذوي الهمم وأعرف ذوي الرتب، وأقام الواحد مقام الجماعة. وهمةً: نصب على التمييز.

يقول: يا من همته أبعد من همة كل صاحب همة، ويا من هو أعلم بالرتب من كل من له رتبة ومنزلة.

وأطعن من مسّ خطّيّةً ... وأضرب من بحسامٍ ضرب

يقول: يا من هو أحذق الناس بالطعن والضرب.

والمعنى: أنت أعرف الحاملين للرمح بالطعن، وأضرب الضاربين بالسيوف وأقام الواحد مقام الجمع.

بذا اللّفظ ناداك أهل الثّغور ... فلبّيت والهام تحت القضب

يقول: ناداك أهل الثغور بهذا اللفظ، وهو ما تقدم من قوله: يا سيف ربك وما بعده. حين أتى الدمستق على ثغورهم، فلبيتهم وأجبتهم وخلصتهم بعد ما صارت رءوسهم تحت سيوف الروم.

وقد يئسوا من لذيذ الحياة ... فعينٌ تغور وقلبٌ يجب

غارت العين: إذا دخلت في الرأس. ووجب القلب: إذا خفق.

يقول: أعنتهم بعد أن انقطع رجاؤهم من الحياة وأشرفوا على الهلاك.

وغرّ الدّمستق قول الوشا ... ة: إنّ عليّاً ثقيلٌ وصب

الوصب: ناحل الجسم، وقيل: هو الذي يجد الألم.

يقو: اغتر الدمستق بخبر علتك، وقدر أنك لا تقدر على نصرة أهل الثغور وصيانتهم

وقد علمت خيله أنّه ... إذا همّ وهو عليلٌ ركب

الهاء في خيله قيل للدمستق.

والمعنى: أنها تعلم أن سيف الدولة مع علته، لو هم بالركوب لركب؛ لما شاهدت منه فيما مضى من الحروب.

<<  <   >  >>