للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أني لا أستقر في كان فإذا هممت بأمر ركبت نجائب، ولم أفكر في طالع نحس أو سعد، ولا يردني عن مرادي نحوسة ولا نحس ولا أبالي به.

وأوجه فتيانٍ حياءً تلثّموا ... عليهنّ لا خوفاً من الحرّ والبرد

وأوجه: عطف على نجائب: أي تبدل إياي نجائب وأوجه غلمان، قد تلثموا عليها حياءً لصباحتها وطلاقتها، والضمير في عليهن للأوجه. وقيل: حياءً ممن به يتعرضون له بالسبي والغارة، ولم يتلثموا عليها خوفاً من الحر والبرد.

يعني: أنا أبداً أسير على هذه النجائب مع هؤلاء الغلمان.

وليس حياء الوجه في الذّئب شيمةً ... ولكنّه من شيمة الأسد الورد

أسد ورد: إذا كان لونه يضرب إلى الحمرة، ولما وصف غلمانه بالحياء بين أن ذلك من وصف الأسد، فكما أن الحياء لا يمنعه من إقدامه، فكذلك حياء هؤلاء. إذ الوقاحة من صفة الذئب، لخسته، والحياء عادة الأسد.

إذا لم تجزهم دار قومٍ مودّةٌ ... أجاز القنا والخوف خيرٌ من الودّ

أجازه: أي أفضى به إلى الاجتياز.

يقول: إذا لم تمكن هؤلاء الغلمان المودة من الاجتياز بديار قوم، أمكنهم منه القنا: أي إذا عبروا بديار قوم ليس بينهم مودة ومسالمة، عبروا بها قهراً وغلبةً، والخوف خير من الود: أي: إن حصولك على مرامك قهراً أشرف من وصولك إليه مسالمةً ووداً، وهذا مثل قولهم: رهبوت خير من رغبوت.

يحيدون عن هزل الملوك إلى الّذي ... توفّر من بين الملوك على الجدّ

يعني: هؤلاء الفتيان يحيدون عن الملوك الذين هم أصحاب الهزل، ويقصدون الذي توفر: أي كثر فيه الجد، فرفضوا الهازل وأقبلوا على الجاد يعني ابن العميد.

ومن يصحب اسم ابن العميد محمّدٍ ... يسر بين أنياب الأساود والأسد

يقول: من سار بذكر اسم ابن العميد، أمكنه أن يمر بين أنياب الحيات، ومخالب الأسود. ولا تتعرض له، هيبةً لابن العميد. وجر محمد بدلاً من ابن العميد ويجوز نصبه على أن يكون بدلاً من اسم.

يمرّ من السّمّ الوحيّ بعاجزٍ ... ويعبر من أفواههنّ على درد

الوحي: السريع. والدرد: جمع الأدرد، وهو الذي تساقطت أسنانه.

يقول: من صحب اسمه يتخلص من السم الوحي، الذي يكون من الحيات: أي أن الأساود يعجز سمها عنه، فلم تضره، وأمسكت عنه أفواهها الأسود، فلم تعمل فيه، فكأنها ساقطة الأسنان.

كفانا الرّبيع العيس من بركاته ... فجاءته لم تسمع حداءً سوى الرّعد

يقول: قد صارت الدنيا كلها ربيعاً ببركاته فكفانا هذا الربيع أمر العيس، في طلب العلف والكلأ لها، فما سرنا من الأرض إلا صادفنا فيه الماء والمرعى، فجاءته هذه العيس من غير حداء حاد سوى الرعد.

إذا ما استحين الماء يعرض نفسه ... كرعن بسبتٍ في إناءٍ من الورد

استحين الماء: عداه بنفسه يقال: استحيته واستحيت منه. السبت: جلود تدبغ بالقرظ فتلين - شبه بها مشافر الإبل لرقتها. وكرعن: أي شربن.

يقول: إنا كنا نسير بين رياض زاهرة، ومياه جارية، فإذا عرض الماء نفسه على الإبل استحيت من كثرة عروضه، وكرعت فيه بمشافر كأنها السبت، في إناء كأنه من الورد، لكثرة الأزهار حوله.

كأنّا أرادت شكرنا الأرض عنده ... فلم يخلنا جوٌّ هبطناه من رفد

الجو: المتسع من الأرض.

يقول: كأن الأرض أرادت منا أن نشكرها عند الممدوح، فكل موضع نزلناه منها كان فيه رفدها.

لنا مذهب العبّاد في ترك غيره ... وإتيانه نبغي الرّغائب بالزّهد

يقول: تركنا غيره من الملوك وأتيناه، نبغي أضعاف رفد غيره، كما أن الزهاد تركوا متاع الدنيا ليصلوا إلى نعيم الأبد.

رجونا الّذي يرجونه في كلّ جنّةٍ ... بأرجان حتّى ما يئسنا من الخلد

يقول: رجونا أن ننال بأرجان جميع ما يرجوه الزهاد في الجنة من النعيم، حتى رجونا الخلود ولم نيئس منه.

تعرّض للزّوّار أعناق خيله ... تعرّض وحشٍ خائفاتٍ من الطّرد

الطرد: مصدر طردت الصيد، إذا طلبته.

يعني: أن خيله تنظر إلى زواره نظراً شزراً خوفاً من أن يهبها لهم، فكأنها وحش خافت من الطرد، فتمد أعناقها إلى الصائد. وقوله: تعرض للزوار: أي توليهم عرضها: أي جانبها.

وتلقي نواصيها المنايا مشيحةً ... ورود قطاً صمٍّ تشايحن في ورد

مشيحةً: أي مجدة، وتشايحن: أي أسرعن وجددن في الطيران.

<<  <   >  >>