للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: مشيحةً: أي مزدحمة، وتشايحن: أي ازدحمن. والورد: الماء بعينه والورود إتيان الماء.

يقول: إن خيله تكره الانتقال عنه إلى زواره، وتسرع إلى الموت بين يديه، كما تسرع القطا إلى ورود الماء.

جعلها صماً لتكون أسرع في طيرانها واقتحامها على الماء؛ لأنها لا تسمع شيئاً يردها عنه. أي تختار لقاء الموت بين يديه على انتقالها من عنده إلى زواره.

وتنسب أفعال السّيوف نفوسها ... إليه، وينسبن السّيوف إلى الهند

الهاء في نفوسها للأفعال. يعني: أن السيوف إنما تعمل في يده، فأفعالها تنسب إليه فيقال: هذه ضربة عميدية، كما يقال: سيوف هندية.

إذا الشّرفاء البيض متّوا بقتوه ... أتى نسبٌ أعلى من الأب والجدّ

الشرفاء: جمع شريف، والبيض: الكرام السادة. متوا: أي توصلوا. بقتوه: أي خدمته.

يقول: إذا انتمى الكرام السادة إلى خدمته، كان ذلك لهم أشرف من انتمائهم إلى الآباء والأجداد الشرفاء. فقولهم: فلان خادم ابن العميد، خير له من النسب الشريف!

فتىً فاتت العدوى من النّاس عينه ... فما أرمدت أجفانه كثرة الرّمد

العدوى: أن يقرب البعير الجرب إلى الصحيح فيصير جرباً مثله.

يقول: كثرت العيوب في الناس وعمهم اللؤم! لكنه قد سار عن لؤمهم ولم تتعد إليه أخلاقهم، فكأن عينه أبت أن تقبل عدوى عيوب الناس إليها.

وضرب الرمد مثلاً لما ذكر العين.

وخالفهم خلقاً وخلقاً وموضعاً ... فقد جلّ أن يعدي بشيءٍ وأن يعدي

يعني: خالف الناس في خلقه وخلقه وموضعه من الشرف، فلا يلحقه فسادهم ولا يعدي إليه منهم شيء.

يغيّر ألوان اللّيالي على العدى ... بمنشورة الرّايات منصورة الجند

يغير: أي يجعل سواد الليل بياضاً، ويغيرها عليهم حتى يجعلها كالنهار، بجيوش قد نشروا راياتهم ونصرت جنودهم.

وتغييرهم الليالي: هو أن يقلب سوادها ببريق سيوفهم إلى ضوء النهار أو بالنيران التي ألقاها في ديار عدوهم.

إذا ارتقبوا صبحاً رأوا قبل ضوئه ... كتائب لا يردي الصّباح كما تردى

الرديان: ضرب من السير السريع.

يعني: أن الأعداء إذا نظروا الصبح، رأوا كتائبه تسبق الصبح، فهي تردى في السير أسرع ما يردى الصباح.

ومبثوثةً لا تتّقي بطليعةٍ ... ولا يحتمى منها بغورٍ ولا نجد

يعني: ورأوا خيلاً مبثوثة لا يقدر أن يعتصم منها بطليعة من الطلائع، ولا في مكان عال ولا منخفض.

يغضن إذا عدن في متفاقدٍ ... من الكثر غانٍ بالعبيد عن الحشد

يغضن: أي يختفين ويغللن. في متفاقد: أي يفقد بعضهم بعضاً لكثرتهم.

يعني: أن خيلك إذا عدن من حيث توجهن، غاضت في جيشك كما يغيض النهر في البحر.

وروى: يغرن أي يدخلن فيه. ومنه قولهم: غارت عينه: أي دخلت في الرأس، ثم بين أنه مستغن بكثرة عبيده الذين هم ملكه، عن الجند والحشد.

حثت كلّ أرضٍ تربةً في غباره ... فهنّ عليه كالطّرائق في البرد

يقول: هو كثير الغزوات، يغزو سائر الأرضين، فلكل أرض تربة في غباره مختلفة الألوان، فإذا مر عسكره بأرض سوداء أو حمراء أو غبراء علاه لون كل تربة من الأرضين، فهو عليه كالطرائق المخططة على البرد.

فإن يكن المهديّ من بان هديه ... فهذا، وإلاّ فالهدى ذا، فما المهدي؟!

يقول: إن كان المهدي الذي ينتظر، من بان هديه وانتشر عدله، فهذا هو ذلك المهدي؛ لظهور طريقته وعدله، وإن لم يكن كذلك، فسيرة هذا الممدوح هي الهدى فما معنى قولنا المهدي بعد هذا!.

يعلّلنا هذا الزّمان بذا الوعد ... ويخدع عمّا في يديه من النّقد

الهاء في يديه للزمان.

يقول: إن الزمان يعد بخروج المهدي بعد ابن العميد، فكأن الزمان يخدعنا عن هذا الحاصل ويمنينا بالغائب.

هل الخير شيءٌ ليس بالخير غائبٌ ... أم الرّشد شيءٌ غائبٌ ليس بالرّشد؟!

تقديره: هل الخير شيء غائب، ليس بالخير الحاضر، وكذلك في الرشد.

يقول: هل هنا خير ورشد غائبان، غير هذا الخير والرشد اللذين نشاهدهما الآن، حتى ندع هذا الحاضر للغائب الذي لا حقيقة له، فكذلك لا نترك المهدي الحاضر للغائب المنتظر.

أأحزم ذي لبٍّ وأكرم ذي يدٍ ... وأشجع ذي قلبٍ وأرحم ذي كبد

<<  <   >  >>