للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: إن ضوء الشمس يقع على ثيابنا من خلا ل الأوراق قطعاً مدورة كالدنانير، غير أنها كانت تفر من البنان: يعني أن البنان إذا شاء أن يقبض عليها صارت على ظهر اليد، فكأنها فارة من البنان.

وحكى: أن الملك عضد الدولة لما أنشده هذا البيت قال: لأقرنها في يدك.

لها ثمرٌ تشير إليك منه ... بأشربةٍ وقفن بلا أواني

الأواني: جمع آنية، والآنية: جمع إناء.

يقول: لهذه الأغصان والأشجار ثمر من عنب وغيره، كأنه لرقته وصفائه يشير إليك بأشربة واقفة بغير أوان. شبهها في صفائها بالشراب.

وأمواهٌ يصلّ بها حصاها ... صليل الحلي في أيدي الغواني

يقول: بهذا المكان مياه شديدة الجري، فكأن صليل حصاها، كصليل الحلي كالأسورة ونحوها في أيدي النساء الحسان. شبه الجداول بمعاصم الجواري الناعمة، وصوت جريانها على الحصا بصوت الحلي في معاصمهن.

ولو كانت دمشق ثنى عناني ... لبيق الثّرد صينيّ الجفان

الثريد اللبيق والمليق: اللطيف المزين المحسن. والثرد: الثريد. ولبيق: فاعل ثنى واسم كان ضمير المغاني.

يقول: لو كانت دمشق في طيبها، لثنى عناني عنها وجذبني هذا الممدوح، الذي ثرده مليقة، وجفانه صينية.

يلنجوجيّ ما رفعت لضيفٍ ... به النّيران ندىّ الدّخان

يلنجوجي منسوب إلى اليلنجوج، وهو العود الذي يتبخر به والتاء في رفعت تعود إلى النيران، والهاء في به إلى ما يقول: إن النار التي يوقدوها للأضياف إنما توقد بالعود. والثرد المليقة تطبخ بهذه النار، ودخانها دخان الند.

يحلّ به على قلبٍ شجاعٍ ... ويرحل منه عن قلبٍ جبان

يعني: إذا حل به أضيافه سر بنزولهم، وقويت نفسه، فلقيهم بقلب شجاع، وإذا رحلوا عنه اغتم وضعف قلبه كقلب الجبان.

وقيل: أراد أن ضيفه ينزل به وهو شجاع يعني: الضيف، فإذا رأى داره ورآه في غاية الحسن واللطف، ازداد في العيش رغبة، فيجبن.

منازل لم يزل منها خيالٌ ... يشيّعني إلى النّوبندجان

النوبندجان بلدة.

يقول هذه المغاني: منازل لا يفارقني خيالها، لحسنها، بل يشيعني حتى وصلت إلى النوبندجان.

وقيل: معناه أن لدمشق منازل لم يزل خيالها يشيعني حتى وصلت إلى النوبندجان فسلوت عنها.

والنوبندجان: مدينة قريبة من شعب بوان في طريق شيراز إذا ارتحلت منها نزلت بالشعب.

إذا غنّى الحمام الورق فيها ... أجابته أغانيّ القيان

يعني: إذا تغنت الحمام في هذه المغاني على أشجارها، أجابتها القيان بغنائهن.

وفيها يجوز أن يرجع إلى مغاني الشعب، وأن يرجع إلى دمشق.

ومن بالشّعب أحوج من حمامٍ ... إذا غنّى وناح إلى البيان

يقول: أهل الشعب عجم الأعاجم فلا أفهم غناءهم كما لا أفهم غناء الحمام، فهما سواء بل غناؤهم أحوج إلى البيان من غناء الحمام.

وقد يتقارب الوصفان جدّاً ... وموصوفاهما متباعدان

يقول: أهل الشعب والحمام، وإن كانا متباعدين في الأشخاص، لاختصاصهم بالإنسانية دونها، إلا أن أوصافهما في الاستعجام متقاربة جداً.

يقول بشعب بوّانٍ حصاني: ... أعن هذا يسار إلى الطّعان؟!

يقول: لماً رحلت من شعب بوان عاتبني فرسي وقال: تترك مثل هذا المكان في طيبه وحسنه وتؤثر لقاء الأقران ومباشرة الطعان؟!

أبوكم آدمٌ سنّ المعاصي ... وعلّمكم مفارقة الجنان

قال لي فرسي: إن مفارقة الجنان صار موروثاً لكم عن أبيكم آدم، فإنه أول من ترك الجنة وخرج إلى الدنيا.

فقلت إذا رأيت أبا شجاعٍ: ... سلوت عن العباد وذا المكان

يعني قلت لفرسي: إذا لقيت عضد الدولة علمت صواب رأيي، ونسيت هذا المكان وسلوت عن جميع العباد، لما ترى من إحسانه وكرمه.

فإنّ النّاس والدّنيا طريقٌ ... إلى من ماله في النّاس ثان

يقول: إن الدنيا وجميع أهلها طريق إلى هذا الممدوح، يعبرهم حتى ينتهي إليه، فإنه الغاية التي ليس وراءها مطلب، وليس له ثان في الناس.

له علّمت نفسي القول فيهم ... كتعليم الطّراد بلا سنان

الكناية في فيهم للناس.

يقول: إنما مدحت الملوك وسائر الناس لأتمرن بالمدح، وأصلح لمدحه إذا وصلت إليه، كما يتعلم الفارس الطراد بالرمح الذي لا سنان عليه.

بعضد الدّولة امتنعت وعزّت ... وليس لغير ذي عضدٍ يدان

<<  <   >  >>