للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: الدولة إنما امتنعت على أعدائها وعز سلطانها، بعضدها: الذي هو أبو شجاع، ولو لم يكن لها عضد لم يكن لها يدان.

ولا قبضٌ على البيض المواضي ... ولا حظٌّ من السّمر اللّدان

اللدان: جمع لدن، وهو الرمح اللين. يعني: من لم يكن له عضد، لم يمكنه القبض على السيوف، والطعن بالرماح، لأن قوام الجميع بالعضد.

دعته بمفزع الأعضاء منها ... ليوم الحرب بكرٍ أو عوان

دعته: أي الدولة دعت عضدها. والهاء في منها للدولة، وقيل: لليد، ودعته: أي سمته.

يعني: أن الدولة سمت أبا شجاع عضدها، وهو مفزع الأعضاء وبه قوامها يعني: لما كانت الدولة تفزع إليه في حروبها كذلك تفزع اليد إلى عضدها، فلهذا سمته عضد الدولة.

فما يسمى كفنّا خسر مسمٍ ... ولا يكنى كفنّا خسر كان

يعني: أن ليس له نظير، ولا يدركه أحد في الدنيا باسم ولا كنية، ولا أحد يشبهه في ملكه وسلطانه ولا في عدله إلى الناس وإحسانه.

ولا تحصى فضائله بظنٍّ ... ولا الإخبار عنه ولا العيان

وروى فواضله أي عطاياه.

يقول: لا يحيط الظن مع سعته بأوصافه الجميلة، وعطاياه الجزيلة، وكذا الأخبار والمشاهدة لا يحيطان بها.

أروض النّاس من تربٍ وخوفٍ ... وأرض أبي شجاعٍ من أمان

أروض: جمع أرض قياسا، وليس بمسموع.

يقول: ممالك غيره من الملوك مضطربة غير آمنة فكأنها مخلوقة من الخوف، كما أنها مخلوقة من التراب، لما كان الخوف لا يفارقها وأرض الممدوح سالمة آمنة، لا يقدر أحد أن يعيث في بلاده، فكأنها مخلوقة من الأمان.

يذمّ على اللّصوص لكلّ تجرٍ ... ويضمن للصّوارم كلّ جاني

يذم: أي يجعلهم في ذمامه. وقيل: يحرمهم. أي: يعقد الذمة للتجار على اللصوص فيحرمهم بها عليهم، ويضمن لسيوفه أن يقتل بها كل جان.

إذا طلبت ودائعهم ثقاتٍ ... دفعن إلى المحاني والرّعاني

المحاني: جمع محنية، وهي منعطف الوادي. والرعان: جمع رعن، وهو أنف الجبل.

يقول: إذا أرادت ودائع التجار ثقات يحفظونها، فإن أصحابها يتركونها بهذه المواضع، ولم يتعرض أحد لها، هيبة من عضد الدولة.

فباتت فوقهنّ بلا صحابٍ ... تصيح بمن يمّر: أما تراني؟!

يقول: باتت أمتعة التجار فوق هذه المواضع مطروحة بلا صحاب تحرسها فكل أحد يمر بها، ولا يتعرض لها فتقول له: أما تراني؟!

رقاه كلّ أبيض مشرفيٍّ ... لكلّ أصمٍّ صلٍّ أفعوان

رقاه: أي رقى عضد الدولة، وهي جمع رقية، والأصم: الحية. والصل: ضرب من الحيات من الأصل، ويشبه به الداهية. والأفعوان: ذكر الأفاعي، وهي أخبث الحيات.

يعني: هو يقهر أهل الفساد بالسيوف، كما يقهر الحواء الحية بالرقية، فرقيته سيفه الذي به ترقى كل حية خبيثة أقام السيف مقام الرقية أي لا رقية له إلا السيف كما يقال: عتابك السيف.

وما يرقى لهاه من نداه ... ولا المال الكريم من الهوان

اللها: العطايا، واحدها لهوة.

يقول: هو يرقى كل مفسد بسيفة، ولا يرقى ماله من سخائه.

حمى أطراف فارس شمّريٌّ ... يحضّ على التّباقي في التّفاني

يقال: رجل شمري وشمري بكسر الشين وفتحها: إذا كان خفيفاً متشمراً لأموره.

يقول: حمى أطراف فارس رجل ملك مشمر جاد. وهو يحض على التباقي في التفاني: أي يحض أولياءه على إفناء أهل الفساد، ليكون ذلك سبب بقاء أهل الصلاح وهو من قوله تعالى: " وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاة ".

بضربٍ هاج أطراب المنايا ... سوى ضرب المثالث والمثاني

يعني: حمى أطراف فارس بضرب، وقيل: الباء متعلق بقوله: يحض أي يحض أصحابه على التباقي في التفاني بضرب لا بمجرد قول، بل بضرب أهاج طرب الموت حتى ثار من مظانه، وهو الضرب بالسيف، وليس هو ضرب للعيدان التي تهيج طرب أصحاب اللهو، والمثاني: جمع مثنى. والمثالث جمع مثلث، وهي الأوتار. أي: همه الحرب وضرب رءوس الأعداء، وليس كغيره من الملوك الذي همه في اللهو والغناء.

كأنّ دم الجماجم في العناصي ... كسا البلدان ريش الحيقطان

العناصي: جمع عنصوة، وهي الخصلة من شعر الرأس. والحيقطان: ذكر الدراج وريشه ملون.

<<  <   >  >>