للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: من كثرة من قتل من الأعداء قد تساقطت شعورهم من رءوسهم، وهي مخضبة بالدم، فهي حمر مثل ريش ذكر الدراج، فكأن الدم قد كسا الأرض ريش الدراج.

فلو طرحت قلوب العشق فيها ... لما خافت من الحدق الحسان

الهاء في فيها لفارس.

يقول: حمى أطراف فارس من كل لص وداعر، وأمنها من كل خوف، لو طرحت القلوب الواقعة في أيدي أهل العشق فيها، لأمنت من الحدق الحسان، وهذا ضد قوله في بدر.

حدقٌ يذمّ من القواتل غيرها ... بدر بن عمّار بن إسماعيلا

ولم أر قبله شبلي هزبرٍ ... كشبليه ولا مهري رهان

يريد: لم أر قبل شبليه شبلي هزبر، فحذف المضاف.

يقول: لم أر ولدي أسد كولدي عضد الدولة، ولا مهرين يراهن عليهما كمهريه. جعله أسداً، وجعل ولديه شبليه، لتشابهما في الشجاعة، وجعل المهرين مثلا لهما، لتساويهما في السبق.

أشدّ تنازعاً لكريم أصلٍ ... وأشبه منظراً بأبٍ هجان

التنازع: التجاذب.

يقول: هما يتنازعان، أي كل واحد منهما يجاذبه الآخر: يعني. أنهما تساويا فيه. والهجان: الخالص الكريم. وتنازعا ومنظراً نصبا على التمييز.

يقول: لم أر ولدين أشد تشابهاً بأصلهما الكريم أصلاً ومنظراً من ولديه: يعني: أنهما تساويا في مشابهته.

وأكثر في مجالسه استماعاً ... فلانٌ دقّ رمحاً في فلان

يعني: أنه يكثر الأب في مجالسه ذكر الوقائع ومصارع الأبطال، وهما يسمعان ذلك فقد نشئا عليه، وتعوداه من الصغر.

وأوّل دايةٍ رأيا المعالي ... فقد علقا بها قبل الأوان

الداية: الظئر.

يقول: أول داية حضنتهما هي المعالي، فتعودا المعالي وربيا عليها.

وروى رأية بالراء وهي فعلة من رأى بمعنى علم.

وأوّل لفظةٍ فهما وقالا ... إغاثة صارخٍ أو فكّ عاني

يقول: أول ما تلفظا به وتعلماه من الكلام أنهما قالا لأصحابهما: أغيثوا الصارخ وفكوا العاني، أو قالا: نغيث نحن ونفك، أي نشأا على ذلك.

وكنت الشّمس تبهر كلّ عينٍ ... فكيف وقد بدت معها اثنتان؟!

يقول لعضد الدولة: كنت شمسا تبهر الأبصار بنورك، فكيف إذا انضم إليها شمسان منها؟ حتى صرن معها شموشا ثلاثة.

يعني: كنت تغلب الملوك بفضلك، فكيف وقد صار اثنان يعاونانك ويشدان معاليك؟ جعله مع ابنيه شموساً.

فعاشا عيشة القمرين يحيا ... بضوئهما ولا يتحاسدان

القمران: الشمس والقمر.

يقول دعاءً لهما: بقيا بقاء الشمس والقمر، يعمان الناس بفضلهما، من غير أن يحسد أحدهما الآخر، مثل الشمس والقمر، اللذين ينفعان الناس بالنور، ولا يحسد أحدهما الآخر.

ولا ملكا سوى ملك الأعادي ... ولا ورثا سوى من يقتلان

دعاء له أيضا معهما بالبقاء يقول: لا ملكا إلا ممالك الأعادي، ولا ورثا إلا أسلاب من قتلاه.

يعني: لا ملكا ملكك ولا ورثاك.

وكان ابنا عدوٍّ كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان

المعنى: أن أنيسيان، تصغير الإنسان، فإذا زدت عليه ياءين فقلت: أنيسيان، فزاد عدد حروفه، وصغر معناه.

فيقول: إن كان لهذا الممدوح عدو، له ابنان فكاثره بهما. فيكونا زائدين في عدده، ناقصين لسقوطهما وتخلفهما عن قدره، كما أن ياءي أنيسيان قد زادتا في عدد حروفه ونقصتا منه وصغرتاه. والهاء في كاثراه للممدح وفي له للعدو.

وقال أبو الفتح ابن جني: حدثني علي بن حمزة البصري قال: كنت حاضراً بشيراز وقت عرضه لهذه القصيدة، وقد سئل عن معنى هذا البيت: قال فالتفت إلي وقال: لو كان صديقنا أبو فلان حاضراً لفسره لهم. يعنيني بالكنية.

قال ابن جني: وقال لي يوما، أتظن أن عنايتي بهذا الشعر مصروفة إلى من أمدحه به؟! ليس الأمر كذلك، لو كان لهم لكفاهم منه البيت. قلت: فلمن هي؟ قال: هي لك ولأشباهك.

دعاءٌ كالثّناء بلا رياءٍ ... يؤدّيه الجنان إلى الجنان

يعني: هذا دعاء مني، وثناء عليك، ليس فيه رياء ولا خداع، لأنه صدر عن قلب خالص إلى قلبك الذي يشهد لي دعواي.

وقيل: أراد أن هذا المعنى يؤديه قلبي إلى قلبك، لأنه دقيق، وأنت تفهم بإشارتي إليك.

فقد أصبحت منه في فرندٍ ... وأصبح منك في عضبٍ يمان

<<  <   >  >>