للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأتني وقد شبّهت بالورد خدّها ... فصدّت وقالت: قاس خدّي بالورد

إذا كان مثلي في البساتين عنده ... فماذا الّذي قد جاء يطلبه عندي

لا أجحد الفضل ربّما فعلت ... ما لم يكن فاعلاً ولا واعد

ولا واعد في موضع نصب عطفاً على قوله: فاعلا وهو خبر كان، وفاعل فعلت ضمير الخيالات.

يقول: مجيباً لحبيبه وراداً عليه في قوله: لا أنكر فض هذه الخيالات علي؛ لأنها فعلت ما لم يكن يفعله صاحبها من الوصل، ولا كان يعد به، ونظر التهامي إلى هذا المعنى فقال:

فكان أكرم فضلاً، إنّ لذّته ... تخلو من المنّ والتّنغيص والمنن

ما تعرف العين فرق بينهما ... كلٌّ خيالٌ وصاله نافد

يقول: لا فرق بين الخيال وبين صاحبه، فإن وصله ينقضي وينصرم، وكلاهما خيال لا حقيقة له ولا دوام، فليس لصاحب الخيال أن يزدري بالخيال ووصله، إذ هما في الانقضاء سواء. وقوله: فرق بينهما أراد كلا من المذكورين: الخيال ومولاه، لما قال: لا فرق بينهما في قصر وصلهما، قدر أن كل واحد منهما خيال، ثم قال: كل خيال وصاله نافد.

يا طفلة الكفّ عبلة السّاعد ... على البعير المقلّد الواخد

الطفلة: الرخصة الناعمة: العبلة الممتلئة. والبعير المقلد: الذي جعل في عنقه قلادة. والواخد: السريع السير.

يقول هذا كله لمحبوبته.

زيدي أذى مهجتي أزدك هوىً ... فأجهل النّاس عاشقٌ حاقد

يجوز أذىً مهجتي وفيه تقديران: أحدهما أن مهجتي منادى مضاف. أي يا مهجتي زيدي أذىً. والثاني أنه مفعول زيدي وتقديره: زيدي مهجتي أذى.

يقول: زيدي في أذاك لي وتعذيبك إياي.

يقول: إنك كلما زدتني أذىً ازددت لك هوى، ولا أحقد عليك؛ لأن أجهل الناس هو العاشق الحاقد.

حكيت يا ليل فرعها الوارد ... فاحك نواها لجفني السّاهد

الفرع: شعر الرأس. والوارد: الطويل المسترسل. يخاطب الليل ويعاتبه على طوله.

يقول: يا ليل أشبهت شعرها في طوله وسواده، فاحك أيضا بعدها، كما حكيت شعرها، وابعد عن عيني.

وقيل: تقدير البيت: حكيت يا ليل فرعها الوارد، لجفني الساهد فاحك نواها.

طال بكائي على تذكّرها ... وطلت حتّى كلاكما واحد

يقول مخاطبا لليل: إن بكائي قد طال على تذكر المحبوبة، وطلت أنت أيها الليل، فكأنك والبكاء واحد، من حيث الطول، لا فرق بينكما.

ما بال هذي النّجوم حائرةً ... كأنّها العمى مالها قائد؟؟!

يصف طول الليل ويقول: ما للنجوم من هذا الليل متحيرةً واقفةً لا تزل! فكأنها عميان لا قائد لهم، فيبقون متحيرين لا يهتدون إلى مذهب. وهذا البيت مأخوذ من قول ابن المعتز:

والنّجم في كبد السّماء كأنّه ... أعمى تحيّر ما لديه قائد

أو عصبةٌ من ملوك ناحيةٍ ... أبو شجاعٍ عليهم واجد

العصبة: الجماعة، وهذا تشبيه آخر. شبه النجوم في تحيرها بملوك سخط عليهم الممدوح فبقوا حائرين لا يدرون ما يصنعون.

إن هربوا أدركوا وإن وقفوا ... خشوا ذهاب الطّريف والتّالد

هذا تفسير حيرة الملوك. يعني: لا يدرون ما يصنعون؛ لأنهم إن هربوا أدركهم، وإن وقفوا خافوا أن يغير على أموالهم.

فهم يرجّون عفو مقتدرٍ ... مبارك الوجه جائدٍ ماجد

الجائد: الجواد، وهو على أصل القياس، جاد فهو جائد، ولكنه مرفوض، واستغنوا عنه بقولهم جواد.

يعني: أنهم تحيروا فلا يدرون: أيهربون، أم يثبتون؟! فاستسلموا رجاء أنه إذا قدر عفا عنهم، وجرى على عادته في الجود والمجد.

أبلج لو عاذت الحمام به ... ما خشيت رامياً ولا صائد

صائد: في موضع النصب. وأبلج: في موضع جر بدلاً عن المجرورات المذكورة في البيت المتقدم. والأبلج: المفروق الحاجبين.

يقول: هو يحمي كل من يلجأ إليه، فلا يقدر على ضيم من استجار به، حتى لو لجأت إليه الحمام لأمنت ولم تخف صائدا ولا راميا.

أورعت الوحش وهي تذكره ... ما راعها حابلٌ ولا طارد

الوحش: اسم الجنس، وأراد ها هنا الجماعة فأنثه. والحابل: صاحب الحبالة، والطارد: الذي يطرد الوحش.

يعني: لا يجسر أحد على التعرض لمن يستجير به، حتى لو أن الوحش ذكرت اسمه في حال رعيها، أو خطر اسمه لها بالبال لأمنت بذكره، ولم يفزعها حابل بحبالته، ولا طارد يطردها. وهذا ذكره على وجه المثل.

<<  <   >  >>