للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: وجدت في كل بلدٍ دخلتها أمماً أي جماعات، يلي عليهم عبد! فهم لا يأنفون عن الانقياد له، كأنهم غنم! وأراد بالعبد: العجم؛ لأنهم موالي العرب، وعبيدهم، وهم ينزلون من العرب منزلة العبيد، وفيه تعيير للعرب حيث رضوا بأن يلي عليهم العجم وانقادوا لهم.

يستخشن الخز حين يلمسه ... وكان يبري بظفره القلم

ويروى: حين يلبسه ويلمسه يصف بهذا العبد الذي صار والياً. ويقول: صار بحيث يستخشن الخز الذي هو في غاية اللين، حين يلمسه، بعد أن كان عبداً قد غلظت يداه من الكد، حتى لو أراد أن يبري بظفره القلم لبراه؛ لطول ظفره.

إني وإن لمت حاسدي فما ... أنكر أني عقوبةٌ لهم

يقول: إن كنت ألوم حسادي على حسدهم إياي، وعداوتهم لي، فإني أعلم أنهم معذورون على حسدهم لي، لأني عقوبة لهم، لما لي من الفضل والعلو، فأقتلهم غيظاً وحسداً. وقريب منه قول الآخر:

ولا خلوت الدهر من حاسدٍ ... وإنما الفاضل من يحسد

وكيف لا يحسد امرؤٌ علمٌ ... له على كل هامةٍ قدم؟!

العلم: الجبل.

يقول: كيف لا يحسد رجل مشهور بالفضل والكمال، عالي المحل، وله على كل هامة قدم، فهو أفضل من كل أحد.

يهابه أبسأ الرجال به ... وتتقي حد سيفه البهم

أبسأ الرجال: آنسهم. يقال: أبسأت به وأبهأت به إبساءً وإبهاء: إذا أنست به.

يقول: يخاف هذا الرجل آنس الرجال به، وأقربهم إليه. وتتقي: أي تحذر، من حد سيفه الشجعان.

تقديره: كيف لا يحسد امرؤ وهذه صفته؟!

كفاني الذم أنني رجلٌ ... أكرم مالٍ ملكته الكرم

فاعل كفاني: أنني، وما يتصل به. والمفعول الأول: الياء التي هي ضمير المتكلم. والمفعول الثاني: الذم.

يقول: منعني من أن أذم نفسي، فأكرم ما أملك وأدخره لنفسي، إنما هو الكرم فلا سبيل لأحد أن يذمني مع هذا الكرم.

يجني الغنى للئام لو عقلوا ... ما ليس يجني عليهم العدم

يقول: يجلب الغنى على اللئيم، ما لا يجلب عليه الفقر؛ لأن اللئيم إذا صار غنياً يبخل فيذم، وإذا كان فقيراً لم يذمه أحد.

هم لأموالهم وليس لهم ... والعار يبقى والجرح يلتئم

يقول: إن اللئام خدم أموالهم، وعبيدهم، حتى أوقعوا أنفسهم في الهلاك بسببها، وليست الأموال لهم، لأنهم لا ينتفعون بها، ولا يكتسبون بها حمداً ولا أجراً. ثم قال: والعار يبقى والجرح يلتئم: يعني أن غناءهم عارٌ عليهم، يبقى بعدهم. والجرح يلتئم: أي أن الجرح أهون من العار؛ لأن الجرح يندمل ويذهب أثره والعار يبقى على وجه الدهر.

من طلب المجد فليكن كعلي ... ىٍ يهب الألف وهو يبتسم

ويطعن الخيل كل نافذةٍ ... ليس لها من وحائها ألم

أي: كل طعنةٍ نافذةٍ، فحذفها والكناية في لها، وحائها: للطعنة والوحاء: السرعة، يمد ويقصر.

يقول: من طلب الشرف فليكن مثل هذا الممدوح، الذي يهب الألف لسائله وهو ضاحك، ويطعن أعداءه كل طعنة نافذةٍ من إحدى الجانبين إلى الجانب الآخر، ليس بهذه الطعنة ألم؛ لسرعتها وخفة يده بها. وقيل: أراد أنه يموت في الحال، فلا يحس بالألم بعد الموت.

ويعرف الأمر قبل موقعه ... فما له بعد فعله ندم

الهاء في فعله: للمدوح، أو للأمر. وروى: بعد فعلةٍ. وهي المرة الواحدة من الفعل.

يقول: إنه يعلم عواقب الأمور قبل فعلها ووقوعها، فإذا فعل أمراً لم يندم على فعله؛ لأنه لم يفعله إلا وهو عالم بعاقبته.

يمدحه بجودة الرأي وحدة الفطنة وشدة الذكاء.

والأمر والنهي والسلاهب وال ... بيض له والعبيد والحشم

السلاهب: جمع السلهب وهي الفرس الطويل. وقيل: هو الرمح الطويل. والحشم: حاشية الرجل، الذين يغضبون له، ويغضب لهم.

يقول: إن الممدوح له هذه الأشياء: من الأمر والنهي والخيل والسيف والعبيد والحواشي. وروى بدل الحشم: الخدم.

والسطوات التي سمعت بها ... تكاد منها الجبال تنقصم

يقول: للمدوح الحملات المشهورة، التي سمعت بها أيها المخاطب، كما سمع بها كل أحد، وهي التي تقرب الجبال من أن تتصدع وتتقطع، من شدتها وسطواتها.

يرعيك سمعاً فيه استماعٌ إلى الدا ... عي وفيه عن الخنا صمم

<<  <   >  >>