للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ركانةً وظرفاً: نصب على التمييز. وقوله: أشيخ مبتدأ وخبره محذوف. وتقديره: أشيخ هو أم غلام؟ والجملة في موضع نصب بقوله: فما تدري، والركانة: الوقار والثبات.

يقول: إذا نظرت إليه راعك وقاراً وهيبة، وإذا راعيته راعك بظرفٍ وحسن خلق، فله ركانة الشيوخ وظرافة الأحداث.

وتملكه المسائل في نداه ... فأما في الجدال فما يرام

المسألة تستعمل في سؤال العطاء، وسؤال العلم، فلما أراد هاهنا سؤال العطاء، بين ما يزيل الشبهة فقال: تملكه مسائل السائلين، وإذا سألوه المال فلا يمكنه ردهم، فأما إذا سألوه مسائل العلم والجدال، فلا يرومه أحد. يمدحه بالسخاء والعلم.

وقبض نواله شرفٌ وعزٌّ ... وقبض نوال بعض القوم ذام

ويروى: وفيض نواله. وهو الأولى. والذام: العيب. يقول: أخذ نواله شرف لنا وعز، لكرمه وفضله وأخذ عطايا بعض القوم وهم سقاط: عيبٌ. ومثله:

عطاؤك زينٌ لامرىءٍ إن حبوته ... بخيرٍ وما كل العطاء يزين

أقامت في الرقاب له أيادٍ ... هي الأطواق والناس الحمام

الحمام: في أصل اللغة، عبارة عن كل طائر ذي طوق.

يقول: نعمه لازمة للناس، مثل الأطواق للحمام. فنعمه كالأطواق، والناس كالحمام وأخذ هذا بعض المتأخرين فقال.

ترك الناس حماما هتفاً ... بنداه تحت أطواق المنن

إذا عد الكرام فتلك عجلٌ ... كما الأنواء حين تعد عام

الأنواء: جمع نوء وهو سقوط نجم من منازل القمر في المغرب وطلوع رقيبه من المشرق يقابله وذلك في كل ثلاثة عشر يوماً، وبانقضائها تنقضي السنة.

يقول: إذا عد الكرام فهم بنو عجلٍ دون غيرهم، فكأن الكرام اسم لهم خاص، كما أن الأنواء تكون عاماً، فلا عام إلا ذو أنواءٍ وما الأنواء إلا نفس العام، فكما أن الأنواء لا تنفصل عن العام، كذلك الكرم لا يزايلهم.

تقى جبهاتهم ما في ذراهم ... إذا بشفارها حمى اللطام

تقى: أي تحفظ، وتمنع. وذراهم: ناحيتهم. والشفار: جمع الشفرة، وهي حد السيف والهاء في فيها: ضمير السيوف وإن لم يجر لها ذكر، وقيل: هو ضمير عجل. واللطام: كناية عن الضراب. وحمى: أي اشتد.

يقول: إن جباههم تصون وتدفع عن أموالهم وحريمهم، والحرم: المستجيرون في شدة المحاربة، وهو حين اشتداد حد السيوف للضراب.

ولو يممتهم في الحشر تجدو ... لأعطوك الذي صلوا وصاموا

يقول: لو قصدتهم يوم القفيامة مجتدياً معروفهم، لأعطوك صلاتهم وصيامهم: أي ثوابها مع شدة الحاجة إلى الطاعة في ذلك اليوم واختاروا لأنفسهم النار؛ كراهة رد المستميح، إذ ليس هناك أموال. وهذا مأخوذ من قول الآخر.

ولو بذلت أمواله جود كفه ... لقاسم من يرجوه شطر حياته

ولو لم يجد في العمر قسماً لزائر ... لجاد له بالشطر من حسناته

فإن حلموا فإن الخيل فيهم ... خفافٌ والرماح بها عرام

العرام: الجهل والطيش.

يقول: إن كانوا حلموا حلم ذو رزانة وسكون، فخيلهم تخف ولا تحلم، وتسرع في العدو، وفي رماحه خفة ونزق، أي هم جهال في الحروب. ومثله للفرزدق:

أحلامنا تزن الجبال رزانةً ... ويزيد جاهلنا على الجهال

وعندهم الجفان مكللاتٌ ... وشذر الطعن والضرب التؤام

المكللات: التي أديرت عليها اللحم مثل الإكليل. وشزر الطعن: إذا كان عن يمين وشمال، وأراد بالتوام هنا: متابعة الضرب، مكان الواحد اثنان.

يقول: إنهم يقرون الضيف بالجفان المكللات باللحوم، ويطعنون أعداءهم شزراً في الحروب، ويضربونهم ضرباً متتابعاً، وهذا من قول حسان:

لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دما

نصرعهم بأعيننا حياءً ... وتنبوا عن وجوههم السهام

يقول: إذا سألناهم استحيوا من نظرنا إليهم، فكأنا صرعناهم فنأخذ منهم ما نسأله، وهم في الحروب لا يؤثر السلاح في وجوههم. يصفهم بالحياء عند المسألة والوقاحة عند الحرب. وحياءٌ: نصب على التمييز. وقول ليلى الأخيلية أبلغ من هذا وهو:

فتىً كان أحيا من فتاةٍ حييةٍ ... وأشجع من ليثٍ بخفان خادر

قبيلٌ يحملون من المعالي ... كما حملت من الجسد العظام

<<  <   >  >>