مسألة: اليمين وهي الحلف على أمر ماض يتعمد الكذب فيه لا يوجب الكفارة عند أبي حنيفة وأصحابه وهو قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم ويأثم فيها صاحبها وعند الشافعي يوجب ويأثم فيها صاحبها.
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه: ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الكبائر لا كفارة فيهن الشرك بالله وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وقتل النفس بغير حق واليمين الفاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم" وفي رواية "اليمين الغموس تدع الديار بلاقع" أي خرابا خاليات عن الأهل بشؤم اليمين الكاذبة وقال ابن عباس رضي الله عنهما كنا نعد اليمين الغموس من الكبائر التي لا كفارة فيهن وقوله كنا إشارة إلى الصحابة وهو حكاية الإجماع.
حجة الشافعي رحمه الله من وجهين: أحدهما: قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} الآية دل النص على أن من حلف بالله كاذبا يجب عليه الكفارة فإذا حلف بالله على أمر ماض كاذبا عمدا يجب فيه الكفارة.
الجواب عنه: أن المراد بقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ١ اليمين المنعقدة واليمين الغموس ليس بمنعقدة وهذا لأن اليمين تعقد للبر وهو لا يتصور في الغموس والنص إنما أوجب الكفارة في المنعقدة دون الغموس.
الثاني: أن اليمين الكاذبة في المستقبل موجبة للكفارة في المستقبل اتفاقا فكذا في الماضي لجامع أنه وجد في الصورتين هتك حرمة اسم الله تعالى بالاستشهاد به كاذبا.