وقد انتهت ترجمة الكتاب ولنختم بذكر بيان القضاة والعدول والأحياء والأموات مفتقرون إلى تقليد الإمام الأعظم والمجتهد المقدم أبي حنيفة رضي الله عنه في عامة أحوالهم.
أما القاضي فإنه ينعزل عند الشافعي رحمه الله بمجرد الفسق فيلزمه على مذهبه عصمة القاضي عن المعاصي ما دام قاضيا وإلا ينعزل ولم يوجد قط قاض على هذا باقيا على القضاء في مذهبه فإذا انعزل لم تنفذ أحكامه وتصرفاته فيجب عليه إظهار فسقه وتجديد توليته وإلا يلزم من المفسدة ما لا يخفى أو تقليد الإمام أبي حنيفة فإنه عنده لا ينعزل بالفسق.
وأما العدول فلأن أبا حنيفة رضي الله عنه يثبت العدالة بظاهر الإسلام وأما الشافعي رحمه الله فقد شرط اجتناب الكبائر ظاهرا وباطنا والتزكية كذلك وأي عدل أو قاض لم يلم بمعصية ولأن الشركة التي تتعاطاها العدول فاسدة على غير مذهب أبي حنيفة فالتناول منها قادح في العدالة فكيف تنعقد عقود المسلمين بشهادتهم عندهم والعدالة شرط في انعقاد النكاح عندهم فيحتاجون إلى تقليد أبي حنيفة رضي الله عنه.
وأما بيان احتياج الأموات فإنهم يحتاجون إلى مدد الأحياء باهداء ثواب القراءة إليهم وذلك لا يصل إليهم عند غير أبي حنيفة رضي الله عنه فلا يحصل لهم الخلاص من العقوبات والوصول إلى الدرجات إلا بتقليد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
وأما بيان احتياج كافة الناس فمن وجوه:
الأول: أن تارك صلاة واحدة عندهم يقتل إما حدا وإما كفرا فيجب حينئذ قتل أكثر العالم إذ المواظبون على الصلوات أقل من التاركين في كل وقت خصوصا النساء فإن أكثرهن لم تصل في العمر إلا نادرا فسكوت