قالت: دخلت على أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها امرأة من قريش عن الصلاة في ثوب الحائض، فقالت: قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلبث إحدانا أيام حيضها ثم تطهر فتنظر الثوب الذي كانت تلتف فيه فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك أن نصلي فيه. فقول أم سلمة غسلنا مطلق غير مقيد بالماء فيجرى على إطلاقه كما مر.
الخامس: دلالة النص وهو أنه لما زالت النجاسة بالماء فبالخل وماء الورد أولى، لأن تأثير الخل في قلع النجاسة أكثر لأنه قال: ع للأثر وماء الورد مذهب للرائحة الكريهة.
السادس: القياس وهو أن المائع قال: ع للنجاسة والطهورية بعلة القلع وإزالة النجاسة المجاورة إذ الثوب كان طاهرا قبل إصابة النجاسة وإزالة النجاسة كما تحصل بالماء تحصل بسائر المائعات المزيلة لها فإذا زالت النجاسة بقي الثوب طاهراً ولهذا لو قطع موضع النجاسة بالمقراض طهر الثوب.
حجة الشافعي رضي الله عنه من وجوه:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل ثيابه بالماء ولم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم غسلها بالخل ومتابعته واجبة، لقوله تعالى:{فَاتَّبِعُوهُ} ١. فلزم على الأمة غسل الثوب بالماء دون الخل.
الجواب عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما غسل الثياب بالماء لكثرته وسهولة إصابته وقلة الخل وماء الورد فلا يدل على عدم جواز الغسل بغيره إن لم يمنع عن ذلك بل أمره بالغسل مطلقا كما مر، ونحن نتبعه حيث تجوز إزالة النجاسة بالماء مع الزيادة وإنما تلزم المخالفة لو منع عن الإزالة بغير الماء ولم ينقل ذلك.