تساويهما في الكيل إذ المذكور في صدر الكلام هو الطعام وهو عين واستثناء الحال من العين لا يجوز فلا بد من تقدير شيء يصح به الاستثناء وهو عموم صدر الكلام في الأحوال أي لا تبيعوا في جميع الأحوال من المساواة والمفاضلة والمجازفة إلا في حال المساواة والمراد بالتساوي هو المساواة بالكيل بالإجماع فدل على أن الكيل هو العلة والوصف المذكور وهو الطعم أو الثمنية ليس بمناسب فلا يصح التعليل به لأنه من أعظم وجوه المنافع والسبيل في مثله التوسعة والإطلاق بأبلغ الوجوه لشدة الاحتياج إليه دون الحرمة.
الثاني: أن العلة عند الإمامين إما الكيل أو الطعم والتعليل بالكيل لا يجوز وإلا لكان ما ليس بمكيل غير ربا فيلزم التخصيص في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء" وذلك خلاف الأصل فثبت أن الكيل لا يصلح علة فتعين الطعم للعلية.
الجواب: أن التخصيص حصل بنفس الحديث لما ذكرنا أن قوله إلا سواء بسواء حال فيقتضي عموم الأحوال وتلك الأحوال لا تستقيم إلا فيما يدخل تحت الكيل دون الطعم والتخصيص وإن كان على خلاف الأصل لكن ثبت بالدليل والقرينة وقد وجدت القرينة.
مسألة: مذهب أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم أن الجنس أو القدر بانفراده يحرم النسأ وعند الشافعي رحمه الله لا يحرمه:
حجة أبي حنيفة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الربا في النسيئة" وهذا نسيئة فيكون فيه الربا فيحرم لقوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبا} ١ ولأنه قال: الربا من وجه ينظر إلى القدر أو الجنس والنقدية أوجبت فضلا في المالية إذ النقد خير من النسيئة فيتحقق شبهة الربا وهي ملحقة بالحقيقة احتياطا فيحرم وهذا لأن كل واحد من القدر أو الجنس جزء العلة فيكون