للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" (١) . واستدل العلماء بذلك على العمل بالإجماع، قال النووي: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِكَوْنِ الإجماع حُجَّة، وَهُوَ أَصَحّ مَا اسْتُدِلَّ بِهِ لَهُ مِن الْحَدِيث، وَأَمَّا حَدِيث " لا تَجْتَمِع أُمَّتِي عَلَى ضَلالة " فَضَعِيف. وَاللَّهُ أَعْلَم" (٢) .

وقد بَيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هذه الأصول الثلاثة، الكتاب والسنة والإجماع، وأنها مصادر صحيحة لمعرفة الحق، وتمييزه من الباطل؛ حيث قال: "إن الحق الذي لا باطل فيه: هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا يعرف: بالكتاب والسنة والإجماع. وأما ما لم تجئ به الرسل عن الله، أو جاءت به، ولكن ليس لنا طريق موصلة إلى العلم به؛ ففيه الحق والباطل؛ فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: للكتاب والسنة والإجماع؛ فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب، لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحد الخروج عن شيء مما دلت عليه. وهي مبنية على أصلين: أحدهما: أن هذا جاء به الرسول. والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه" (٣) .


(١) رواه مسلم في صحيحه ٣/١٥٢٣، كتاب الإمارة، بَاب قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ"، الحديث رقم ١٩٢٠.
(٢) شرح النووي لمسلم ١٣/٦٧. والحديث رواه أبو داود ٤/٤٥٢، في كتاب الفتن، باب الفتن ودلائلها. الحديث رقم ٤٢٥٣، وابن ماجه ٢/١٣٠٣، في كتاب الفتن، باب السواد الأعظم. الحديث رقم ٣٩٥٠، وأحمد في مسنده ٤٥/٢٠٠، ورقم الحديث ٢٧٢٢٤. وقال عنه المحقق: "صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف؛ لإيهام الراوي عن أبي بصرة ... وبقية رجال السند ثقات، رجال الصحيح" وذكر له شواهد كثيرة. وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٣/٣٢٠.
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ١٩/٥-٦.

<<  <   >  >>