بُشير العدوي إلى ابن عباس. فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس رضي الله عنه لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس! ما لي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسمع. فقال ابن عباس -رضي الله عنه-": إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا. فلما ركب الناس الصعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف"(١) .
وهكذا حفظ الله الدين منذ عهده الأول، إلى أن تقوم الساعة؛ فهيأ سبحانه وتعالى الإسناد؛ فكشف به العلماء السابقون وضع الزنادقة وغيرهم للأحاديث المكذوبة، في فترة كتابة الأحاديث، وما زال العلماء يكتشفون كذب المستشرقين وأذنابهم من المسلمين وغيرهم، بواسطة الأسانيد؛ فإن المستشرقين ما فتئوا يطعنون حتى في أصح الأحاديث عندنا كصحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، وذلك بالطعن في أسانيد كتب الحديث، ويقولون إن هذه الأسانيد كُتبت في وقت متأخر، حيث كتبت في زمن كتابة الحديث بعد قرن من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - حسب زعمهم- وبذلك كتبت عشوائياً، وهنا وجدنا في هذه الأسانيد رداً على زعمهم وباطلهم، كما كانت رداً على أسلافهم من الزنادقة الذين وضعوا أحاديث مكذوبة في العهود المبكرة.
وقد قمت بكتابة بحث في الذب عن مصادر الإمام البخاري المكتوبة، باستخدام الأسانيد؛ حيث أفدت من الأسانيد فائدتين: الفائدة الأولى: وهي التي استخدمها السلف لكشف زيف كذب المبطلين؛ وذلك من خلال معرفة رجال السند؛ لتمييز الثقات من غيرهم.