للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكيف يتصور أن يبذل ماله بالنذر والذبح- مع أن المال عزيز عند أهله – لمن لا يرجوه, ويعتقد أنه لا يحصل له من جهته نفع ولا دفع ضر! فهذا من أبين المحال وأبطل الباطل.

كيف وهم يفتخرون بقضاء حاجاتهم، وكشف كرباتهم من جهتهم: فبعض منهم يعتقد (١) أن الميت ونحوه يفعل ذلك أصالة, وبعضهم يقول: هم وسيلتنا إلى الله, يعنون: واسطة بينهم وبين الله, كما عليه المشركون الأولون؛ كما أخبر الله عنهم أنهم يقولون: {هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} (٢) {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٣) .

بل كثير من مبتدعة هذه الأمة: أعظم غلوا واعتقادا في ولائجهم من المشركين الأولين؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن المشركين الموجودين حين نزول القرآن: أنهم يخلصون لله الدعاء في حال الشدة, وينسون آلهتهم.

وكثير من غلاة أهل هذا الزمان: يخلصون الدعاء عند الأمور المهمة والشدائد لولائجهم, كما هو مستفيض عنهم.

قال الله تعالى إخبارا عن المشركين الأولين (٤) {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (٥) .

وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ


(١) (ع) (ط) : يعتقدون.
(٢) سورة يونس آية ١٨.
(٣) سورة الزمر آية ٣.
(٤) (ع) (ط) : الأولين. ساقطة.
(٥) سورة العنكبوت آية ٦٥.

<<  <   >  >>