وهذا كما قيل: لا فتى إلَاّ علي، وقد أمر عليه السلام غير واحد من أصحابه بالرُّقية، وسمع بجماعة يرقون فلم ينكر عليهم.
وأما الحديث الآخر في صفة الذين يدخلون الجنَّة بغير حساب:
"هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون" فهذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا [الذين] لا يلتفتون إلى شيء من علائقها، وتلك درجة الخواصِّ لا يبلغها غيرهم، فأما العوام فمرخص لهم في التداوي والمعالجات، ومن صبر على البلاء وانتظر الفرج من الله بالدعاء كان من جملة الخواصِّ والأولياء، ومن لم يصبر رخص له في الرقيه والعلاج والدواء، ألا ترى أنَّ الصديق لما تصدق بجميع ماله لم ينكر عليه، علمًا منه بيقينه وصبره، ولما أتاه الرَّجلُ بمثل بيضة الحمام من الذَّهب وقال:"لا أملك غيره"، خذفه به بحيث لو أصابه عَقَره، وقال فيه ما قال. انتهى.