وتارةً تكون الرؤيا صحيحة من الله تعالى، ومن المَلك الذي وكله الله بالرؤيا فيكون لها تعبير صحيح، أو تقع كما هي من غير تعبير، وتارةً لا تكون صحيحه، بأن تكون من الشَّيطان، أو حديث نفس، والذي تراه في الرؤيا الصحيحة يبعد أن يكون هو ذلك الشخص الذي وقع في نفس النائم أنه رآه بعينه؛ لأنا نرى شخصًا ميتًا أو حيًّا لا علم له برؤيتنا له، هذا أمر قطعي، فالمرئي حينئذٍ على ما يظهر لنا صُورة مخلوقة لله تعالى على مثال تلك الصُورة، ثم تلك الصورة إما مع عين روحانية -وهو بعيد-؛ لأنه لو كان كذلك لكان عنده شعور بها، ونحن نراه ثم [نسأله] عن ذلك فلا يكون عنده علم منهُ البتة، فلم يبق إلَاّ أنَّ الله تعالى خلق حقيقة مشتملة على مثال صورته وروحانيته، وأرانا إيَّاها وأوقع في نفسنا مخاطبتنا إيَّاها، أو جعلهَا تخاطبنا حقيقة، وقد يختلف المرئيون فمنهم من يكون المرئي مثال صورتهِ ومعناه، ومنهم من يكون مثال صورته وحقيقته معناه، بأن يكون جعل الله لها ذلك، ومنهم من ينتزع من صورته ومعناه بعينها حقيقة مطابقة لتلك الحقيقة ويرينا إيَّاها، وإنما ذكرنا هذه الاحتمالات ليفهم بها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ رَآنِي في المنامِ فقد رآني حقًّا" فقوله: رءاني في الشرط والجزاء ليس من الرؤية البصرية، ولا العلميَّة، بل من الرؤيا المناميَّة، فالمعنى من تعلقت رؤياه بي فهو تعلق صحيح، فإنَّ الشيطان لا يتمثل به، ولكن الشرط والجزاء لا بد من تغايرهما، فالمعنى من تعلقت رؤياه بي في اعتقاده