للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور. وعن أحمد في ذلك نزاع، وإحدي الروايات عنه: أنه يكفر من ترك واحدة منها، وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك كابن حبيب. وعنه رواية ثانية: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط، ورواية ثالثة: لا يكفر إلا بترك الصلاة، والزكاة إذا قاتل الإمام عليها. ورابعة: لا يكفر إلا بترك الصلاة. وخامسة: لا يكفر بترك شيء منهن، وهذه أقوال معروفة للسلف. قال الحكم بن عتيبة: من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر. ومن ترك الحج متعمداً فقد كفر. ومن ترك صوم رمضان متعمداً فقد كفر. وقال سعيد بن جُبَيْر: من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر بالله. ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر بالله. ومن ترك صوم رمضان متعمداً فقد كفر بالله. وقال الضحاك: لا ترفع الصلاة إلا بالزكاة، وقال عبد الله بن مسعود: من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له. رواهن أسد بن موسى.

وقال عبد الله بن عمرو: من شرب الخمر ممسياً أصبح مشركاً، ومن شربه مصبحاً أمسى مشركاً. فقيل لإبراهيم النَّخَعِي: كيف ذلك؟ قال: لأنه يترك الصلاة. قال أبو عبد الله الأخنس في كتابه: من شرب المسكر فقد تعرض لترك الصلاة، ومن ترك الصلاة فقد خرج من الإيمان. ومما يوضح ذلك أن جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، كان في آخر الأمر بعد فرض الحج، والحج إنما فرض سنة تسع أو عشر.

وقد اتفق الناس على أنه لم يفرض قبل ست من الهجرة، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بالإيمان. ولم يبين لهم معناه إلى ذلك الوقت، بل كانوا يعرفون أصل معناه وهذه المسائل لبسطها موضع آخر.

<<  <   >  >>