للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقصود هنا أن من نفى عنه الرسول اسم الإيمان أو الإسلام فلابد أن يكون قد ترك بعض الواجبات فيه وإن بقى بعضها؛ ولهذا كان الصحابة والسلف يقولون: إنه يكون في العبد إيمان ونفاق، قال أبو داود السجستاني: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وَكِيع، عن الأْعمش، عن شقيق، عن أبي المِقْدَام، عن أبي يحيى قال: سئل حذيفة عن المنافق. قال: الذي يعرف الإسلام ولا يعمل به. وقال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن حذيفة قال: القلوب أربعة: قلب أغْلَف، فذلك قلب الكافر، وقلب مُصْفَح، وذلك قلب المنافق، وقلب أجرد فيه سراج يُزْهِر، فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل النفاق مثل قُرْحَة يمدها قَيْحٌ ودم، فأيهما غَلَب عليه غَلَب. وقد روى مرفوعاً، وهو في [المسند] مرفوعاً.

وهذا الذي قاله حذيفة يدل عليه قوله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ} [آل عمران: ١٦٧] ، فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب، فلما كان يوم أحد غلب نفاقهم فصاروا إلى الكفر أقرب.

وروى عبد الله بن المبارك عن عوف بن أبي جميلة، عن عبد الله بن عمرو بن هند، عن علي بن أبي طالب قال: إن الإيمان يبدو لُمْظَةً بيضاء في القلب، فكلما ازداد العبد إيماناً ازداد القلب بياضًا، حتى إذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله. وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب، فكلما ازداد العبد نفاقاً ازداد القلب سواداً، حتى إذا استكمل العبد النفاق اسود القلب، وايم الله لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض. ولو شققتم عن قلب المنافق والكافر لوجدتموه أسود. وقال ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.

<<  <   >  >>