للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه نصوص الكتاب والسنة، ومن أسلم بظاهره دون باطنه فهو منافق يقبل ظاهره، فإنه لم يؤمر أن يشق عن قلوب الناس، وأيضاً فإذا كان الإسلام يتناول التصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان، فيلزم أن يكون كل مسلم مؤمناً، وهو خلاف ما نقل عن الجمهور، ولكن لابد في الإسلام من تصديق يحصل به أصل الإيمان، وإلا لم يثب عليه، فيكون حينئذ مسلماً مؤمناً، فلابد أن يتبين المسلم الذي ليس بمؤمن ودخوله في الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم "، وقوله: " الإسلام هو الأركان الخمسة " لا يعني به من أداها بلا إخلاص لله بل مع النفاق، بل المراد من فعلها كما أمر بها باطناً وظاهراً، وذكر الخمس أنها هي الإسلام لأنها هي العبادات المحضة التي تجب لله تعالى على كل عبد مطيق لها، وما سواها إما واجب على الكفاية لمصلحة إذا حصلت سقط الوجوب، وإما من حقوق الناس بعضهم على بعض وإن كان فيها قربة ونحو ذلك، وتلك تابعة لهذه، كما قال: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " و " أفضل الإسلام أن تُطعِم الطعام، وتُقرِئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " ونحو ذلك: فهذه الخمس هي الأركان والمباني كما في الإيمان.

وقول القائل: الطاعات ثمرات التصديق الباطن، يراد به شيئان: يراد به أنها لوازم له، فمتي وجد الإيمان الباطن وجدت، وهذا مذهب السلف وأهل السنة، ويراد به أن الإيمان الباطن قد يكون سببًا، وقد يكون الإيمان الباطن تامًا كاملاً وهي لم توجد، وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم، وقد ذكرنا فيما تقدم أنهم غلطوا في ثلاثة أوجه:

أحدها: ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تامًا بدون العمل الذي في القلب تصديق بلا عمل للقلب، كمحبة الله وخشيته وخوفه، والتوكل عليه والشوق إلى لقائه.

<<  <   >  >>