للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه مسائل:

الأولى "أن من فهم هذا الباب وبابين بعده تبين له غربة الإسلام ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب" أي من فهم باب سبب الكفر هو الغلو في الصالحين والتغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح وأن الغلو في قبور الصالحين يجعلها أوثانا تعبد، تبين له غربة الإسلام لكون أكثر الخلق جعلوا مثل هذا هو أفضل الأعمال وكفروا من نهى عنه وهذا من قدرة الله وتقليبه للقلوب لما أعرضت عن الشرع ولم تؤمن به كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} .

الثانية "معرفة أول شرك حدث في الأرض أنه بشبهة الصالحين" أي لما غلا هؤلاء في الصالحين حدث الشرك فيمن بعدهم بسببه.

الثالثة "أول شيء غير به دين الأنبياء وما سبب ذلك مع معرفة أن الله أرسلهم" أي هو بعبادة غير الصالحين وسبب ذلك الغلو الذي فعله هؤلاء فلما ماتوا وأتى من بعدهم فعبدوهم لظنهم أن الأولين أرادوا ذلك.

الرابعة "قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها" أي لما أوحى إليهم الشيطان ذلك قبلوه ولو أنهم رجعوا إلى الشرع وعملوا به لما قبلوا ما أوحاه إليهم الشيطان ولكنهم استحسنوا ما قالوه فحصل ما حصل.

الخامسة "أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل فالأول محبة الصالحين والثاني فعل أناس من أهل العلم شيئا أرادوا به خيرا فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره" أي أن سبب هذا الكفر خلط الحق بالباطل فالأول الذي هو الحق محبة الصالحين والثاني الذي هو الباطل ما فعله الأولون من نصب الأنصاب إلى مجالسهم وهذا فعلوه من باب المحبة لهم فصار هذا العمل المركب من الحق

<<  <   >  >>