للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكنه لما لم يثبت على ذلك نفى الله عنه لأنه لا يوصف بعبادة الله وحده ولا أنه عابد له حقيقة إلا من استمر على عبادته وحده وتبتل إليه تبتيلا كما أشار إلى ذلك العلامة ابن القيم في بدائع الفوائد لما تكلم على أسرار سورة قل يا أيها الكافرون.

الرابعة "الحكمة في إرسال الرسل" أي ليأمروا أممهم بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت.

الخامسة "أن الرسالة عمت كل أمة" أي لما أخبر الله أنه بعث في كل أمة رسولا أفاد ذلك أن الرسالة عمت جميع الأمم وقامت الحجة على الخلق كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} .

السادسة "أن دين الأنبياء واحد" أي لما أخبر الله أن كل رسول يقول لقومه {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} أفاد ذلك أن دينهم واحد أما الشرائع فمختلفة كما قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} .

السابعة "المسألة الكبيرة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت، ففيه معنى قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} " أي لما أخبر الله أنه أرسل الرسل يدعون أممهم قائلين: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} دل

ذلك على أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت فمن لم يكفر بالطاغوت فليس عابدا لله حقيقة ولذلك جعله شرطا للاستمساك بالعروة الوثقى.

الثامنة "أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله" أي لما أمر الله بإفراده بالعبادة وحده واجتناب الطاغوت أفاد هذا أن الطاغوت عام في كل ما عبد من دون الله بمعنى أن العبادة لا تصلح له لا بمعنى الذم لكل من عبد من دون الله فإن منهم من لم يرض بذلك وأما الذم فمتوجه إلى من رضي، ومن لم يرض فالذم في حقه متوجه إلى الشيطان لكونه الآمر بذلك الداعي كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} الآية.

<<  <   >  >>