"فيه أكبر المسائل وأهمها وهي تفسير التوحيد وتفسير الشهادة وبينها بأمور واضحة. منها آية الإسراء بين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر" أي لما أخبر أنهم يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة دل هذا على صلاحهم ولما أخبر أنهم لا يملكون كشف الضر ولا تحويلا دل هذا على أنهم لا يقدرون على ما طلب منهم ومن طلب من غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك الشرك الأكبر.
"ومنها آية براءة بين فيها أن أهل الكتاب اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وبين أنهم لم يأمروا إلا بأن يعبدوا إلها واحدا مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه طاعة العلماء والعباد في المعصية لا دعاؤهم إياهم" أي هي قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية. وقوله "مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه طاعة العلماء والعباد إلخ" أي كما فسرها لعدي بن حاتم رضي الله عنه حين سمعه يتلوها فقال: "لسنا نعبدهم" إلخ كما سيأتي في باب من أطاع العلماء والأمراء.
"ومنها قول الخليل عليه السلام للكفار: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} فاستثنى من المعبودين ربه وذكر سبحانه أن هذه البراءة وهذه الموالاة هي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله فقال: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} " أي لما اشتملت على النفي الذي هو قوله تعالى: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} وعلى الإثبات الذي هو {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} صار فيها تفسير شهادة أن لا إله إلا الله لأن أولها ينفي عبادة كل ما سوى الله وآخرها يثبت العبادة لله وحده لا شريك له.
"ومنها آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم:{وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله فدل على أنهم يحبون الله حبا عظيما ولم يدخلهم