للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالوحي ظاهرة ممكنة الحدوث وإنّ تواتر الرسالات السماويّة إلى جانب الكثير من الدراسات العقلية الجادّة التي توصّلت إلى ضرورة الوحي، حتى إن المعتزلة وهم ممّن مجّد العقل وقدّمه، عدّوا الوحي والنبوّة واجباً يقتضيه العقل نفسه، كلّ ذلك يثبت حقيقة الوحي ولا يمكن بحال أن يغني العقل عن النبوّة والرسالة. وطالما أنّ الإنسان محاسب مجازى على أعماله فإنّ مبعث الرسل للشعوب والأمم وللخليقة أجمعين يعدّ واجبا {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:١٦٥] ، كما يعدُّ الوحي حقيقة لا ينكرها إلا متفلّت من ضوابط العقل والحسّ وثوابت النقل وكلّ سبل المعرفة وتحصيل العلم. .

وحينما نثبت الوحي نثبت علويّته فهو من الله، ونثبت صدقه فهو حقّ محض لا يأتيه الباطل، فكلّ ما أخبر به الوحي واقع وصدق وحقّ لا يتخلّف، يقول عبد الله بن عبّاس حول قول الله تعالى مخاطباً اليهود المخادعين: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِندُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة:٦] . وحول قوله تعالى في شأن المجادلين في شأن عيسى عليه السلام بعد أن بيّن القرآن وجه الحقّ فيه: {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:٦١] (١) : "لو تمنى اليهود الموت لماتوا، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا، لا


(١) والمباهلة هي الدعاء باللعنة على الكاذب المفتري [التفسير الواضح الميسر - الشيخ محمد الصابوني - ص ١٢٨ - ط١ - ١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م - مؤسّسة الريّان للطباعة والنشر بيروت] .

<<  <   >  >>