للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالد قالا: كنّا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقام رجل [وهو زوج المرأة وكان أعرابياًّ] فقال: أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله!!. فقام خصمه [وهو والد العسيف] وكان أفقه منه فقال: "اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي، قال "قل! " قال: إنّ ابني هذا كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم. ثمّ سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني أنّ على ابني جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأته الرجم. فقال النبيّ: "والذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله جلّ ذكره، المائة شاة والخادم ردّ وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" (١) .

والشاهد هنا هو قوله: "لأقضينّ بينكما بكتاب الله" وقضى بجلد البكر مائة وتغريب عام، وبرجم المحصنة، وكلّ من التغريب والرجم قضت بهما السنّة، ولم يرد لهما ذكر في الكتاب إلا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم عبّر عن هذين الحكمين اللذين تفرّدت بهما السنة "بالكتاب"، وهذا دليل صريح على أنّ السنّة وحي كالكتاب، وعلى أنّ الكتاب أعمّ من القرآن، وأنّ المراد به "الشرع" سواء كان كتابا أو سنّة.

- وفي المضمار نفسه شرح أبوبكر البيهقيّ من علماء القرن الخامس الهجري [ت٤٥٨هـ] عبارة "الكتاب" الواردة في قول الرسول: " إنّي لا أحلّ إلا ما أحلّ الله في كتابه، ولا أحرّم إلا ما حرّم الله في كتابه" بالوحي سواء كان وحيا متلوّا وهو القرآن، أو غير متلوّ وهو السنّة النبويّة (٢) .


(١) صحيح البخاريّ - الحدود - باب الاعتراف بالزنى - فتح الباري ١٢/١٤٠ حديث ٦٨٢٧.
(٢) انظر السنّة ومكانتها في التشريع الإسلاميّ ١٥٥.

<<  <   >  >>