إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله رحمة للعالمين، وبشيرا ونذيرا للبرية أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجَبة، الصدور المحببَّة، والفطَنة النبَغة، معادنِ الصدق واليقين، وموائل الصبر والمثابرة والجهاد ومتانة الدين، الذين فاؤوا للحق فاستظلوا بظلاله، وفاء إليهم الحق فارتفعت بهم رايتُه، ورفرفت فوق هامِهم شارتُه ونَضارتُه، به خرجوا من العدم إلى الوجود، وبهم انصدعت آيه وبراهينه من جديد، فرضي الله عنهم من صفوة جديرة بالتقدير، وعُصبة جلّت عن إحصاء مكامن عزها بالاستقصاء والتنقير.
بيضُ الوجوه كريمة أحسابهم ... شُمُّ الأُنوف من الطراز الأَول
أمابعد: فإن السنة النبوية ـ شرفها الله تعالى ـ تعرضت ولا تزال لموجة عارمة من التشكيك بها تارة، أو إنكارها بالكلية تارة أخرى، أو الطعن في تدوينها، أو حصرها في دائرة ضيقة، يستأنس بها ولا يعتمد عليها، ولا تنشئ أحكاما، ولا يحتج بها في العقائد، ولا في الحدود، إلى غير ذلك من تضليلات وآراء لا حصرلها، يجمعها كلها، النظرُ إلى السنة بمنظار لم يعهده السلف المتقدمون، وغالبُ هذه الشُّبَه منقولة عن المستشرقين، والمستغربين من أبناء جلدتنا الذين يقلدونهم في كل شيء، إذ