للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا يستدعي حقيقة هامة، أغفلها كثير ممن يتعاملون مع الوحيَيْن قديما وحديثا، وهي أن من لم يتمكن من ناصية الأدب واللغة العربية، فلن يكون فهمه في عمومه سليما لهذين الوحيين، لأنهما في قمة سامقة من جوامع كلم البلاغة، فالتعامل معهما يستوجب استعدادا خاصا.

وما وقع فيه جميعُ الفرق المنحرفة عن فهم السلف المتقدمين: من تأويلات فاسدة، وآراء عليلة، مرَدُّ أغلبها إلى عُجْمتهم، وعدم إدراكهم مراد المتكلم من كلامه، فحملوا كلام الله ورسوله على ما لا يرضاه أحدهم لنفسه في كلامه، فضلوا بذلك وأضلوا. ولو كانوا عربا أقحاحا، أو استمدوا العربية تعلما من معادنها، لما وقعوا فيما وقعوا فيه من غرائب المحامل.

وكان العرب الخُلَّص من الأئمة أمثال مالك والشافعي، وأحمد، وأضرابهم، سلِيمِي الفهم، دقيقي التعليل، دراكين لمقاصد النصوص ومعانيها المرادة منها، فعلى أفهامهم يعوَّل وعلىما قعَّدوه يعتمَد في التفريع والتأصيل، وبه يستهدَى في التأويل والتنزيل.

<<  <   >  >>