(١) وقوله {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ}[البقرة:٢٣١] . ووجه الدلالة من الآيتين أن الله تعالى نص على أنه أنزل على رسوله الكتاب والحكمة، فدل ذلك على أن السنة تنزل عليه كما ينزل عليه القرآن، بنص الآيتين، والحكمةُ لا يختلف أهل العلم حيثما وردت في القرآن، أنها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}[الأحزاب:٣٤] . قال الشافعي –رضي الله عنه-: " فذكر الله الكتاب وهو القرآن، وذكر الحكمة فسمعتُ من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله، وهذا يشبه ما قال، لأن القرآن ذكر، وأُتْبِعَتْهُ الحكمة، وذكر الله منَّه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يجز –والله أعلم- أن يقال: الحكمة ههنا إلا سنةُ رسول الله، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله، وأن الله افترض طاعة رسوله، وحتَّم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقول فرْضٌ إلا لكتاب الله ثم سنةِ رسوله، لما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرنا بالإيمان به" ... كل ماسن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه كتاب - وفيما كتبنا في كتابنا هذا - منْ ذِكْرِ ما منَّ الله به على العباد، من تعلم الكتاب والحكمة، دليل على أن الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " (١) وبهذا قال عامة المفسرين.