يجتمعان ويتفرعان- أحدهما ما أنزل الله فيه نص كتاب، فبين رسولُ الله مثلَ ما نص الكتابُ، والآخر مما أنزل الله فيه جملةَ كتاب: فبين عن الله معنى ما أراد، وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما، والوجه الثالث: ما سن رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب، فمنهم من قال: جعل الله له بما افترض من طاعته، وسبق في علمه من توفيقه لرضاه أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب. ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في كتاب ... ومنهم من قال: بل جاءته به رسالة الله، فأُثبِتت سنته بفرض الله. ومنهم من قال أُلقي في رُوعه كل ماسن، سنتُه، الحكمةُ الذي أُلقي في روعه عن الله، فكان ما أُلقي في روعه سنتَه. قال الشافعي: فكان مما ألقى في روعه سنته، وهي الحكمة التي ذكر الله، وما أنزل به عليه كتاب، فهو كتاب الله، وكلٌّ جاءه من نعم الله كما أراد الله، وكما جاءته النعم تجمعها النعمة وتتفرق بأنها في أمور بعضها غير بعض...... وأي هذا كان، فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله، ولم يجعل لأحد من خلقه عذرا بخلاف أمر عرفه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنْ قد جعل الله بالناس كلهم الحاجة إليه في دينهم، وأقام عليهم حجته بما دلهم عليه من سنن رسول الله معاني ما أراد الله بفرائضه في كتابه، ليَعلم من عَرف منها ما وصفنا، أن سنته صلى الله عليه وسلم كانت سنة مبينة عن الله معنى ما أراد من مفروضه فيما فيه كتاب يتلونه، وفيما ليس فيه نص كتاب، أخرى – فهي كذلك أين كانت، لا يختلف حكم الله ثم حكم رسوله، بل هو لازم بكل حال" (١) .
وقال: " إن الله عز وجل وضع نبيه صلى الله عليه وسلم من كتابه ودينه بالموضع الذي أبان في كتابه، فالفرض على الخلق أن يكونوا عالمين بأنه