للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلق دون التام الصحيح الكامل، إذ كان الموصل عندهم جميعا الملفق الذي قد وصل بعضه ببعض ولفق بعضه ببعض. فإذا أراد الرجل من العرب وغيرهم أن يضع من قدر الشيء قال: هو موصل وليس هو صحيح، فقد سمي كتاب الله اسما ناقصا وقال فيه إثما وبهتانا عظيما، ولو قلت أنا هذا وما هو دونه لكان قد خطب وكلم واستغاث بأمير المؤمنين وأخرجنا عن الإسلام وهو يقول العظام ويحيل على العرب، وأمير المؤمنين أطال الله بقاه يحلم عنه بفضله وهو يتقوى بحلمه علينا".

قال عبد العزيز فقلت لبشر: "وهذا أيضا من جهلك بما في كتاب الله عز وجل، تذمني وتزعم إني سميت كتاب الله اسما ناقصا، وتغري بي أمير المؤمنين، وهو أعلم بما قلت وتكلمت مني ومنك وما قلت إلا ما قال الله عزوجل، وما نسبت إلا ما نسبه إليه وارتضاه له، وهو عند العرب الفصحاء كلام جيد صحيح مرتضى، وأنت تزعم أن كلام الله الذي هو من ذاته مخلوق وتشبهه بكلام المخلوقين من الشعر وقول الزور وغيره، وتنكر علي أن سميته يما سماه الله تعالى"

فقال بشر: "وأين سماه الله موصلا ومفصلا. قلت: في كتابه من حيث لا تفهمه ولا تعلمه" فقال: "هاته".

قال عبد العزيز فقلت: "قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ١فهذه تسمية الله عز وجل لكلامه ووصفه له بنص التنزيل لا بتأويل ولا بتفسير وهو الذي اختاره لنفسه ولكلامه وارتضاه له، وقال: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} ٢ فامتدحهم بصلة ما وصل وأثنى عليهم في غير آية من كتابه ووعدهم على ذلك أحسن عدة وهي الجنة، وقالت عز وجل: {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ٣ فهذه مدحة الله وهذا ثناء الله، وهذا جزاء الله لمن وصل ما وصل. ولقد ذم الله عز وجل الذين قطعوا ما أمر الله بصلته وذمهم ولعنهم وجعلهم من


١ سورة القصص آية ٥١.
٢ سورة الرعد آية ٢١.
٣ سورة الرعد آية ٢٢-٢٤.

<<  <   >  >>