للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل شيء نسبته إلى العرب فهو مخالف لقولها ولغتها ومذهبها في كلامها".

قال عبد العزيز: "فأقبلت على المأمون فقلت: يا أمير المؤمنين أطال الله بقاءك أنت بيت اللغة وأعلم خلق الله بلغة العرب وكلامها وما تتعارفه وتتعامل به في خطابها وأنت الحاكم بيننا فإن أكن تزيدت على العرب منذ اليوم في ما حكيته عن العرب أو نسبته إليهم أو عدلت عن سنتهم أو حدث عنهم وعن مذهبهم وكلامهم وخطابهم ومخارج ألفاظهم فقد استحققت العقوبة من وجهين، أحدهما جرأتي على أمير المؤمنين أطال الله بقاه وقولي بين يديه، وحكايتي عن قومه ما يعلم خلافه مع علمي إنه أعلم خلق الله بذلك. والأخرى كذبي على سائر العرب وادعائي الباطل عليهم وأمير المؤمنين يشهد علي بكذبي وتزيدي وهو في حل وسعة من دمي ومن كل ما يعاقبني به، إن كان قد وقف على ذلك مني. وإن يكن بشر يا أمير المؤمنين قد تزيد في القول، وادعى علي الباطل كان أمير المؤمنين أعلا عينا بالرد عليه ومنعه من قول الزور والكذب".

فقال المأمون: "ما قلت يا عبد العزيز منذ اليوم إلا ما تقوله العرب وما تتعارفه وتتعامل به، وما خرجت عن مذهبها، ولو عدلت عن ذلك ما سوغت١ لك الكذب عليها".

قال عبد العزيز: فقلت: "الله أكبر الله أكبر كذب بشر والله بشهادة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه- لي عليه- أفلحت ورب الكعبة أفلحت ورب الكعبة وظهر أمر الله وهم كارهون".

قال عبد العزيز: "فقال بشر وعلى الخلق أن يتعلموا لغة العرب٢ وما تعبدنا الله بهذا، كل إنسان يقول بلغته وبقدر معرفته، وما كلف الله الخلق فوق طاقتهم، ولا طالب أولاد العجم بلغة العرب".

قال عبد العزيز: فقلت لبشر: "وكلف الله الخلق أن يتكلموا بما لا يعلمون حيث ادعيت العلم وتكلمت في القرآن العظيم وتأولت كتاب الله على غير ما عناه الله، ودعوت الخلق إلى إتباعك، وكفرت من خالفك وأبحت دمه، والله قد نهى


١ في الأصل ورقة ٣٠/ ب سطر ٨ سوغتك.
٢ في طبعة المجمع ص ١١١: لغات العرب كلها ما تعبدنا الله بهذا.

<<  <   >  >>