للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

علم بذلك أن قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام - ١٦٢] يتناول الدعاء، ولا ريب أن الصلاة الشرعية تتضمن الدعوات الواجبة، والتحقيق أنها سميت صلاة لاشتمالها على نوعي الدعاء: دعاء المسألة، ودعاء العبادة، فلا تخرج عنهما، كما سيأتي تقريره أن شاء الله تعالى.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإكثار من الدعاء في السجود، فقال: "فأما الركوع فعظموا فيه الرب تعالى، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" ١.

قال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في أصل الصلاة فقيل: هي الدعاء لاشتمالها عليه، وهذا قول جماهير أهل العربية والفقهاء وغيرهم. انتهى.

وهذا هو الذي قرره العلامة ابن القيم رحمه الله كما سيأتي.

فإذا كانت الصلاة قد اشتملت على الدعاء فلا ريب أنه عبادة، وقد اشتملت على التكبير والتسبيح وهو عبادة أيضا.

ولا يرتاب مسلم أن التكبير والتسبيح لا يجوز أن يستعمل في حق غير الله، لكونه من خصائص الربوبية، فكذلك الدعاء ولا فرق،


١ أخرجه مسلم في صحيحه ٤/١٩٦ "نووي" عن ابن عباس قال: كشف رسولالله صلى الله عليه وسلم الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.

<<  <   >  >>