فتدبر هذا وما قبله من الأدلة على ذلك. {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر - ٢] .
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى قوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}[الأعراف - ٥٥] .
يتضمن نوعي الدعاء، لكنه ظاهر في دعاء المسألة، متضمن لدعاء العبادة، ولهذا أمر بإخفائه وإسراره.
وقوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة - ١٨٦] يتناول نوعي الدعاء، وبكل منهما فسرت الآية: قيل أعطيه إذا سألني، وقيل أثيبه إذا عبدني، والقولان متلازمان.
وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه، أو حقيقته ومجازه، بل هذا استعماله في حقيقته الواحدة المتضمنة للأمرين جميعا. فتأمله فإنه عظيم النفع.
وهذا التقرير يأتي في مسألة الصلاة، وأنها نقلت عن مسماها في اللغة وصارت حقيقة شرعية منقولة، أو استعملت في هذه العبادة مجازا بالعلاقة بينها وبين المسمى اللغوي فضم إليهما أركان وشرائط، وعلى ما قررناه لا حاجة إلى شيء من ذلك، فإن المصلي من أول صلاته إلى آخرها لا ينفك عن دعاء: إما دعاء عبادة وثناء، أو دعاء طلب ومسألة، وهو في الحالين داع. انتهى ملخصا١.