للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم على حنين ونحن حدثاء عهد بكفر١، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم وأمتعتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة" لتركبن سنن من كان قبلكم".

فإذا كان اتخاذ مثل هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله تعالى، مع أنهم لا يعبدونها، ولا يسألونها شيئا، فما الظن بغيرها مما يقصده الناس من شجر أو حجر أو قبر، ويعظمونه، ويرجون منه الشفاء ويقولون: إن هذا الشجر وهذا الحجر وهذا القبر يقبل النذر الذي هو عبادة وقربة، ويتمسحون بذلك النصب، ويستلمونه.

وهذا الشيطان في كل حين وزمان ينصب لهم قبر رجل معظم يعظمه الناس، ثم يجعله وثنا يعبد من دون الله تعالى، ثم يوحي إلى أوليائه أن من نهى عن عبادته وعن اتخاذه عيدا، وعن جعله وثنا فقد تنقصه، وهضم حقه، فيسعى الجاهلون في قتله وعقوبته، ويكفرونه، وما ذنبه إلا أنه أمر بما أمر به الله تعالى ورسوله، ونهى عما نهى الله تعالى عنه ورسوله.

والذي أوقع عباد القبور في الافتتان بها أمور:

منها الجهل بحقيقة ما بعث الله تعالى به رسوله، من تحقيق


١ سقطت: "بكفر" من طبعة نصيف.

<<  <   >  >>