الأرض، ثم إنهم إذا وصلوا إليها يصلون عندها ركعتين، ثم ينتشرون حول القبر طائفين به تشبيها بالبيت الحرام الذي جعله الله تعالى مباركا وهدى للأنام، ثم يأخذون في التقبيل والاستلام، كما يفعل الحجاج في المسجد الحرام، ثم يعفرون جباههم وخدودهم، ثم يكملون مناسك حج القبر بالحلق والتقصير، ثم يقربون لذلك الوثن القرابين، فلا يكون صلاتهم، ونسكهم، وقربانهم، وما يراق هناك من العبرات، ويرفع من الأصوات، ويطلب منه من الحاجات، ويسأل من تفريج الكربات، وإغناء ذوي الفاقات، ومعافاة أولي العاهات والبليات لله تعالى بل للشيطان، فإن الشيطان لبني آدم عدو مبين، يصدهم بأنواع مكايده عن الطريق المستقيم.
ومن أعظم مكايده ما نصبه للناس من الأنصاب التي هي رجس من عمل الشيطان، وقد أمر الله المؤمنين باجتنابها، وعلق فلاحهم بذلك الاجتناب، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة - ٩٠] فالأنصاب جمع نصب بضمتين، أو جمع نصب بالفتح والسكون، وهو كل ما نصب وعبد من دون الله تعالى من شجر أو حجر أو قبر أو غير ذلك.
والواجب هدم ذلك كله ومحو أثره، كما أن عمر لما بلغه أن الناس ينتابون الشجرة التي بويع تحتها النبي عليه السلام أرسل إليها فقطعها. ثم ذكر حديث أبي واقد الليثي قال: "خرجنا مع رسول