الله تعالى دعوته لما قام بقلبه١ من الذلة والانكسار، لا لأجل القبر، فإنه لو دعا كذلك في الجبانة والحمامة والسوق لأجابه: فيظن الجاهل أن لقبر تأثيرا في إجابة تلك الدعوة، ولا يعلم أن الله تعالى يجيب دعوة المضطر ولو كان كافرا، فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضيا عنه، ولا محبا له، ولا راضيا بفعله، فإنه يجيب دعاء البر والفاجر، والمؤمن والكافر، يسر لنا الله تعالى من الدعاء والعمل ما يكون موافقا لرضائه بلطفه وكرمه. انتهى كلام العلامة الرومي رحمه الله تعالى ببعض اختصار.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: والله تعالى لم يجعل أحدا من الأنبياء والمؤمنين واسطة في شيء من الربوبية والإلهية، مثل ما يتفرد به من الخلق والرزق، وإجابة الدعاء والنصر على الأعداء، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، بل غاية ما يكون العبد سببا، أن يدعو ويشفع، والله تعالى قال:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة - ٢٥٥] وقال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}[النجم - ٢٦] وقال تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران – ٨٠] .
فبين سبحانه أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا كفر، ولهذا كانوا