فالمشركون أثبتوا الشفاعة التي هي شرك، كشفاعة المخلوق عند المخلوق، كما يشفع عند الملوك خواصهم لحاجة الملوك إلى ذلك، فيسألونهم بغير إذنهم، ويجيب الملوك سؤالهم لحاجتهم إليهم، فالذين أثبتوا مثل هذه الشفاعة عند الله مشركون كفار، لأن الله تعالى لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل من رحمته وإحسانه إجابة دعوة الشافعين، ولهذا قال:{مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ}[السجدة-٤] وقال: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ. قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}[الزمر-٤٣] وقال عن صاحب يس: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ}[يس-٢٣] .
وأما الخوارج والمعتزلة فإنهم أنكروا شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته، وهؤلاء مبتدعة ضلال، مخالفون للسنة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولإجماع خير القرون.
القسم الثالث أهل السنة والجماعة، وهم سلف الأمة وأئمتها ومن تبعهم بإحسان، أثبتوا ما أثبته الله في كتابه، وسنة رسوله، ونفوا ما نفاه، فالشفاعة التي أثبتوها هي التي جاءت بها الأحاديث، وأما الشفاعة التي نفاها القرآن – كما عليه المشركون والنصارى ومن ضاهاهم من هذه الأمة – فينفيها أهل العلم والإيمان: مثل أنهم يطلبون من الأنبياء والصالحين الغائبين والميتين قضاء حوائجهم،