والتابعين، ولا فعله أحد من أئمة المسلمين، ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولو كان هذا جائزا أو مشروعا لفعلوه، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمصار عدد كثير، وهم متوافرون، فما منهم من استغاث عند قبر صاحب ولا دعاه، ولا استغاث به، ولا استنصر به، ومعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الدواعي والهمم على نقله، بل على نقل ما هو دونه.
وحينئذ فلا يخلو إما أن يكون دعاء الموتى أو الغائبين أو الدعاء عند قبورهم والتوسل بأصحابها أفضل أو لا. فإن كان أفضل فكيف يخفى علما وعملا على الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة علما وعملا بهذا الفضل العظيم، ويظفر به الخلوف علما وعملا.
وهذان الحديثان اللذان ذكرهما هذا العراقي إما أن يكون الصحابة الذين رووهما وسمعوهما من النبي صلى الله عليه وسلم جاهلين بمعناهما، وعلمه هؤلاء المتأخرون، وإما أن يكون الصحابة علموهما وزهدوا فيهما عملا مع حرصهم على الخير وطاعتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم، وكلاهما محال، بل هم أعلم الناس بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأطوع الناس لأوامره، وأحرص الناس على كل خير، وهم الذين نقلوا إلينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فهل فهموا من هذين الحديثين جواز دعاء الموتى والغائبين فضلا عن استحبابه، والأمر به؟؟.