وسنون مجدبات، أفلا جاؤوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم شاكين، وله مخاطبين بكشفها عنهم وتفريج كرباتهم؟ والمضطر يتشبث بكل سبب يعلم أن له فيه نفعا، لاسيما الدعاء، فلو كان ذلك وسيلة مشروعة وعملا صالحا لفعلوه.
فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل القبور حتى توفاه الله، وهذه سنة خلفائه الراشدين، وهذه طريقة جميع الصحابة والتابعين هل يمكن أحدا أن يأتي عنهم بنقل صحيح أو حسن أو ضعيف أنهم كانوا إذا كانت لهم حاجة، أو عرضت لهم شدة قصدوا القبور فدعوا عندها وتمسحوا بها، فضلا عن أن يسألوها حوائجهم؟.
فمن كان عنده في هذا أثر أو حرف واحد فليوقفنا عليه، نعم لهم أن يأتوا عن الخلف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون بكثير من المختلقات، والحكايات المكذوبات، حتى لقد صنف في ذلك عدة مصنفات، ليس فيها حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فيها التمويهات والحكايات المخترعات، والأحاديث المكذوبات، كقولهم:"إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور" وحديث: "لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه".
وفيها حكايات لهم عن تلك القبور بأن فلانا استغاث بالقبر الفلاني في شدة فخلص منها، وفلان دعاه أو دعا به في حاجة فقضيت، وفلان نزل به ضر فأتى صاحب ذلك القبر فكشف ضره، ونحو ذلك مما يعلم أنه مضاد لما بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، ويعلم أنه حمى جانب التوحيد، وسد الذرائع الموصلة إلى الشرك، فكيف